صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
لا احد ينكر أن المواطن الأردني بات ينتظر القرارات الحكومية ، التي من المفترض أن تلبي مطالبه التي عبر عنها في الشوارع والميادين، فيما أطلق عليه ” هبة رمضان ” ، والتي أدت إلى اسقاط حكومة الملقي ، وتشكيل حكومة الرزاز التي حرصت على كسب التأييد الشعبي لتثبت أقدامها على الساحة السياسية ، باصدار سلسلة قرارات تضمن استمرارهدوء الشارع.
لكن المفاجأة أن قرارات الحكومة الجديدة أحبطت المواطن ، كونها لم تعط حلولا جذرية لمطالب الشارع ، فيما تجدها تصب في مصلحة الرزاز وحكومته، التي تسعى إلى تنفيذ جميع قرارات الملقي وحكومته، التي قوبلت بالرفض ، لكن الأسلوب اختلف فكان التعامل بهدوء و” ابتسامة ” مع قليل من الشفافية، البعيدة عن أي استجابة للمطالب الشعبية، مما يدل على أن النهج واحد، ولكن الاختلاف في كيفية المعالجة للقضايا التي تصطدم مع المطالب الشعبية ، والتي تقوم على التحايل على هذه القضايا بحيث تصب في مصلحة الحكوم دون أن تحدث أي استثارة لمشاعر المواطن، ليبقى في حالة خدران جزئي، تجعله يقبل القرارات على مضض، ودون تحريك ساكن ، و بعيدا عن الاعتراضات، بحيث :” لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم “.
ولو توقفنا عند قرارات حكومة الرزاز ، سنجد أن أغلبها- إن لم تكن جميعها- مكررة ، أو تم اجترارها من حكومات سابقة على نهج ” قص ولزق ” ، ومن أهمها ما يتعلق بتقاعد الوزراء، وهو مطلب الشارع، حيث تم نسخ مشروع قانون معدل لقانون التقاعد المدني لعام 2013، الذي نص:” على اشتراط عمل الوزير 7 سنوات في المؤسسات العامة للحصول على راتب تقاعدي ، والذي قدمته حكومة الدكتور عبدالله النسور لمجلس الأمة بشقيه اللذين اقرَّاه، متضمنا ايضا منح النواب والاعيان أنفسهم راتبا تقاعديا اسوة بالوزراء، إلا أن صاحب الولاية بموجب الدستور لم يصادق عليه ، وكل ما فعلته الحكومة الحالية أنها تغولت على صلاحيات مجلس الأمة، وعدلت بعض بنوده ، وألغت أخرى.
وهناك جانب مهم بالنسبة للقانون السابق، وهو مخالفة الارادة الملكية التي أشارت إلى احتمالية وجود شبهة دستورية حول مشروع القانون، فكانت التوجهات الملكية بالطلب من الحكومة آنذاك التوجه إلى المحكمة الدستورية؛ للوقوف على رأيها بخصوص المخالفة الدستورية، ليصار إلى تحقيق العدالة بين الجميع، لكن الحكومة اتخذت قرارها دون الرجوع إلى المحكمة الدستورية ، وبذلك تكون قد تجاوزت الرغبة الملكية.
وكان أول قرارات هذه الحكومة بخصوص معالجة مرضى السرطان ، مع أنه حق طبيعي لهم منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما منذ عهد الملك الراحل الحسين بن طلال ، أما فيما يتعلق بضبط النفقات الحكومية ووقف شراء سيارات حكومية ، أو الاثاث المكتبي ، فهذا قرار يعود لحكومة الدكتور معروف البخيت في العام 2011 .
واذا اوهمت الحكومة المواطنين بأنها جادة بتطبيق عملية الترشيد، فإن عليها الحد من سفر المسؤولين للخارج، إلا للضرورة القصوى ، وتقليص عدد الوفود الرسمية ، وتقنين استئجار المباني الحكومة ، فان حقيقة الامر أن هذه الاجراءات جميعها كانت في عهد حكومة الملقي التي اخذت أبرز قرار وهو اقتطاع 10% من رواتب الوزراء ، وبجرة قلم جيَّره الرزاز لحكومته .
أما ترشيد استهلال المحروقات وعدم استخدام السيارات الحكومية خارج أوقات العمل الرسمي ، والتي نسبها الرزاز لحكومته ، فهذا قرار يعود لحكومة الدكتور عبدالله النسورعام 2012 ، اضافة الى قرارها الذي اعتبرته انجازا لها بالاعلان وهو ربط ميناء العقبة بميناء معان البري عبر محطة وادي اليتم، وهو مشروع لحكومة الملقي، و جاء تحت عنوان :”مشروع إنشاء سكك حديدية”.
أما مشاريع القوانين مثار الجدل ، وأهمها المطلبان الاساسيان للأصوات التي طالب بتعديلهما في الميادين ، وهما: مشروعا نظام الخدمة المدنية و قانون ضريبة الدخل، اللذان ما يزالان لغاية الان يراوحان مكانهما ، فكل ما قدمته الحكومة من وعود، تمثلت بسحب مشروع قانون الضريبة وإعادة النظر بنظام الخدمة المدنية، وهما الان في مراحل النقاش لاقرارهما بعد الحوار مع جميع الاطياف.
الحكومة التي تجتر قرارات الحكومات السابقة ، وتعتمد أ سلوب ” القص واللزق ” ، وتنسب الفضل لها ، هي حكومة مفلسة،لا تحتكم لأفكار جديدة ،ولاتقدم حلولا عملية.