الغلاءُ.. بلاءٌ ..ووباءٌ..ليس له دواءٌ.. ولا مِنه شِفاءٌ

31 أكتوبر 2019
الغلاءُ.. بلاءٌ ..ووباءٌ..ليس له دواءٌ.. ولا مِنه شِفاءٌ

صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه

يا أبناء بلدي الأحباء ، عندما أُسافر وأغيب عن وطني الحبيب شهراً أو أكثر أشعر بضيق في الصدر ، رغم ان اغلب ما فيه يجلب القهر . مع ان غيابي يكون في الإمارات الحبيبة التي أعشق ، وأعود مشتاقًا ، من غبائي ، لانني كمن يستعجل شقائه ، أو يشتري عذابه ، أو كأنني ساديٌ ، أستعذب ، العذاب ، لا سمح الله . نحن في وطننا الحبيب ، نعاني من مشكل رهيب ، لا يداويه طبيب ، ولا يطفئ ناره لقاء حبيب ، نحن نعاني من بلاء ، ووباء ، ليس له دواء ، ولا منه شفاء ، إنه الغلاء .

غلاء الأسعار ، وإنفلاتها ، وعدم مراقبتها بفاعلية ، بعد إلغاء وزارة التموين ، دمر الغلاء البلاد ، والعباد ، لان رواتب الناس تآكلت ، واضمحلت ، والسبب ان الحكومات المتعاقبة ، ومنذ ان فرضت علينا منظمة التجارة العالمية WTO عدم اتباع نهج الحمائية للمنتجات الوطنية ، والتي ما زالنا متمسكين بها وبقيودها الى حدٍ كبير ، رغم ان امريكا التي ابتدعتها ، تخلت عنها ، وقد ابتدعتها للقضاء على الحواجز التي تمنع دخول منتجات شركاتها العملاقة متعددة الجنسية الى أي بلد في العالم من الدول التي أُرهبت ، وأُرعبت ، وهُدِدت ، ووقعت عليها ، وأُجبرت على الالتزام ببنودها . بعدها تم إغراق السوق الأردني بالمنتجات من كل دول العالم التي تسابقت لتقتنص الفرصة ، عندها بدأ الدمار ، فأغلقت الكثير من المصانع الأردنية ابوابها ، بسبب عدم قدرتها على منافسة المنتجات الأجنبية لا من حيث السعر ولا الجودة . ولهذا العديد من الأسباب ، منها على سبيل المثال لا الحصر : ان الكثير من الدول تمنح العديد من الإعفاءات على منتجاتها الوطنية التي يتم تصديرها ، والسبب الأهم ان مصانع تلك الشركات عملاقة ، وكميات إنتاجها كبيرة جداً mass production ، مما يقلل من كلف الإنتاج .

المهم ، ان المستوردين تفردوا في السوق ، ونظراً لغياب الرقابة على الأسعار ، رفعوا أسعار منتجاتهم المستوردة ، لدرجة وصلت حدّ الإنفلات . كما ان تلاعب الحكومة في تسعير المشتقات النفطية ، قابله موافقة الحكومة في أحايين كثيرة على رفع اسعار كثير من السلع ، لكن بسبب غياب الرقابة الحكومية ، لم يُقدِم التجار على خفض الأسعار عندما يتم خفض أسعار المشتقات البترولية . وتسعير المشتقات البترولية قصة لوحدها ، من التلاعب ، والغياهب الحكومية ، فبعد ان تم تحرير أسعار المشتقات النفطية أيام حكومة نادر الذهبي ، دخل المواطن في متاهات ، وطلاسم ، لا يقوى على حلّها أعتى السَحَره . وللتدليل على التلاعب الحكومي ، مثلاً عندما وصل سعر النفط في السوق العالمي ( ١٤٨ ) دولاراً ، وصل سعر ( تنكة ) البنزين ( ١٩ ) دينارا ، فكيف يصل سعرها الى اكثر من ( ٢١ )دينارا وسعر النفط أقل من ( ٦٥ ) دولارا !!؟؟ هذا إضافة الى ان الحكومة تعتمد أسعار نفط برنت ونحن نستورده من السعودية الشقيقة .

أذكر ان ( تنكة ) البنزين في عام ١٩٩٥ كان سعرها ( ٣,٥ ) دينار ، وسعرها الان اكثر من (٢٠ ) ديناراً . كان تغيير زيت السيارة أقل من (٥) دنانير ، الان ( ٥٧ ) دينارا أي ارتفع الى اكثر من احد عشر ضعفاً !!؟؟ أما الخضار والفواكه ، كان سعر أغلى منتج من الفواكة لا يصل الى نصف دينار ، الان بعض الفواكة يزيد عن ثمانية دنانير ، بينما بعض المنتجات المحلية من الخضار لا يكسب منها المزارع شيئاً ، لان سعر بيع الصندوق يقل احيانا عن نصف دينار ، ومع ذلك يصل للمستهلك بسعر مرتفع ، ولذلك أسباب منها : عدم تثقيف المزارعين وتوجيههم لتنويع زراعاتهم ، ولكن المشكلة الكبرى تكمن في تحكم مجموعة الوسطاء او ( الكمسيونجيه ) من غير الأردنيين في السوق ، ولم تقوَ أمانة عمان على ضبط السوق او إحلال اردنيين مكانهم .

هذا الغلاء الفاحش ، المُنفلت ، والرواتب على حالها خاصة للعاملين في القطاع العام ، الذين يشهدون غُبنا هذه الأيام ، فالزيادات المتعددة على الرواتب تمر من أمامهم ، ومن خلفهم ، ولا يوجد من يُنصفهم ، هذا رغم ضآلة ، وضحالة ، هذه الزيادات ، لكن الموت مع الجماعة رحمة .

الرواتب جامدة ، بدون زيادات ، والأسعار في انفلات ، والحكومات غائبة ، وغير مكترثة ، ولا تعبأ بتطبيق القرارات ، والمواطن موجوع ، ومنكوب ، بسبب هذا الإنفلات ، ولا أدري الى أين ستأخذ هذه الحكومات الهزيلة المواطن والوطن !؟

الاخبار العاجلة