الحباشنة: الحياة كينونة، لا تحتمل الفراغ ولا التوقف

28 أبريل 2020
الحباشنة: الحياة كينونة، لا تحتمل الفراغ ولا التوقف

صراحة نيوز – كتب م.سمير حباشنة

..بالأمس، ولأول مرة أغادرُ المنزل ،وقد تملكتني الدهشةُ حين رأيتُ الحياة في عمان وفي أحياءها المختلفه شبه طبيعية، اختناقٌ مروري! شبيهٌ بالحالِ الذي كان سائداً قبل الجائحة!!، بل وما يزيدُ الوضع تعقيداً الوجودُ المكثف لدوريات الشرطة التي عملياً لا تستطيع مراقبة كلَ هذا الكمّ الهائل من المركبات!! كما أنني رأيتُ تجمعات للمواطنيين أمام وداخل أماكن التسوق بشكلٍ تنعدمُ معه أدنى شروط السلامةِ العامة!!

وإذا ما كان الوضعُ في عمان على هذا النحو، فكيف هوَ الوضعُ في أريافنا وبوادينا ومخيماتنا!؟

وكل ذلكَ بالطبع يتم رُغمَ ذلكَ السيل الذي لايتوقف من القراراتِ الحكوميةِ التي نسمعها كل ليله!!.

أخشى إن بقيَ الوضع على ما هو عليه أن لا تجد أحداً يستمعُ الى تلكَ القرارات، أو يلتزم بها، فالحياة كينونة غيرُ قابلةٍ للتوقف، وإن لم تتماشى قراراتُ الحكومة مع متطلبات واحتياجات الناس، فإنها تصبحُ حبراً على ورق. خصوصاً إذا ماجاءت تلك القرارات مجافيةً للمنطق. فما هي الحكمة على سبيل المثال، من التوجهِ بالسماحِ للمواطنين باستعمالِ مركباتِ النقل العام التي ينتفي بها أولُ مبدأ للوقاية وهو التباعد بين المواطنيين !!، وبالمقابل عدمُ السماح لركوب سياراتِ الأجرة أو مركبات التطبيقات الذكية!! بل و السماح بفتحِ المنافذ التسويقيةِ الكبرى ومحلات بيع الخضار والفواكة أمام المواطنيين، وبالمقابل منع المطاعم الشعبيةِ من العمل، على سبيل المثال؟!

أرجو أن نخرجَ من حالةِ التخبطِ التي بدت واضحةً في الأيامِ الأخيرة مع تلك العشرات من اعلانات ال “com .” التي لاتتوقف وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة عن إعلانها والتي تزيد الأمور تعقيداً، وكأن الشعب الأردني كلهُ خبيراً في ال “hi-tech “..

كما يجب أن يتوقف رئيسُ الوزراء عن الإيغال بتشكيلِ اللجان والمجالس التي لا لزوم لها، فدستورُ الدولةِ يشيرُ وبوضوح إلى مسؤولية الحكومة التخطيطية والتنفيذية الكاملة، وانها وإن أرادت تشكيل لجنةٍ ما، فهي بالضرورة ذات صفةٍ استشارية ومؤقتة.

وعليه.. وفي ظلِ النجاحِ المنقطع النظير الذي أنجزته الهيئاتُ الصحية في البلاد، وبدعم كبير من القوات المسلحة الباسلة وجهازُ الأمنِ العام والدفاعِ المدني، حيثُ تحققت نتائج مذهلة بدحرِ تلك الجائحة وحصرها بأضيقِ الحدود، فإنني أرى ما يلي:

اولا: الاستمرار بقرار وقف التدريس في الجامعاتِ والمدارس إلى نهايةِ شهرِ حزيران القادم، على أمل ان تكون الجائحة قد انتهت. والاستمرار بل والتوسع بخططِ وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم التي أثبتت نجاحاً ملموساً نسبياً حتى الآن، رُغم أن تجربة التعليم عن بُعد، تُطبقُ ولأولِ مرة في الأردن.

ثانيا: الاستمرارُ بمنعِ التجمعاتِ والمناسباتِ الاجتماعية على اختلافها، مع الاستمرار بإغلاق المقاهي والمطاعم، والسماح لها بتقديم خدماتها إلى البيوت “delivery” أو البيع من نوافذ خدمة “drive-through” و “take away”.
وذلك حتى يتم السيطرة على الجائحة بشكلٍ تام.

ثالثا: السماح لكافة القطاعات التجارية والصناعية والخدمية بالعمل وعلى اختلافها، بالإضافةِ الى المؤسساتِ الرسمية والقطاع العام، ولا بأس بالتدرج بأعدادِ الموظفين المداوميين.

رابعا: والأهم من كل ذلك، هو إلزام كافة المواطنيين بالكمامات والقفازات في الشارع وفي العمل وفي وسائل النقل تحت طائلة المسؤلية والعقاب، وهو الأمرُ الذي يتطلبُ مراقبة أسعار وسائلُ الحمايةِ هذه، ووقف احتكارها ورفع أسعارها الذي يشكوا منهُ المواطنون.

وبعد الحياةُ لاتحتملُ الفراغَ، واقتصادياتنا تحتاجُ الى استئناف حركتِها، وعمالنا وأصحابُ المهن لا يحتملون المزيد من التعطل، لذا علينا أن نُقدم على خطواتٍ جريئة نعمل على إنجاحها بقوةِ تنفيذِ الاجراءات من جهة والوعيِ الجمعي من جهةٍ أخرى، خصوصاً بعد فترةٍ طويلةٍ من الحجر، والتي أعتقدُ أنها كانت كافيةً للارتقاءِ بوعينا ومعرفتنا والتزامنا باجراءآت الوقاية.

الاخبار العاجلة