صراحة نيوز – بقلم الوزير السابق نادر ظهيرات
تطل علينا الذكرى ٧٤ لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، الأردن، قلعة العروبة، ورمز الصمود والعنفوان، لتعلن في هذا الزمن عن حالة فريدة من التماسك الذي ما نال من إحكامه تبدل الظروف والأحوال، حاملة في ثناياها دروساً ستبقى أمثلة لمن أراد أن يستقيم في حب الوطن، وراسمة من صور العطاء الممتد في مسيرة آل هاشم معاني خالدة في سلامة الفكر، ونقاء القيم التي اقترنت بمعاني النخوة والشجاعة الأردنية، حتى صارت رصيداً متراكما من القوة والنماء، لشجرة أصلها راسخ في الأرض وفرعها شامخ في السماء.
بهذه المناسبة العطرة نستذكر بكل فخر واعتزاز العديد من الإنجازات التي تحققت بالرغم من التحديات وقلة الموارد ضمن إقليم ملتهب كان أثره كبيراً على الوطن، نستذكر ارتفاع مؤشر الإنجازات في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في العديد من المجالات ولاسيما منها الصحية، التعليمية، التنمية، الاتصالات البنية التحتية، تكنولوجيا المعلومات، المياه، الكهرباء، الاقتصاد والسياحة.
نستذكر الإنجازات الهاشمية في بناء الدولة الحديثة العصرية قوامها الإصلاح الاقتصادي والسياسي، أساسها إشراك المواطن الأردني بصنع القرار، والعدالة الاجتماعية في توزيع المكتسبات، وتسريع عجلة التنمية المستدامة.
نستذكر الأردن محدود الموارد والإمكانيات يتربع على مكانة مرموقة في خارطة العالم السياسية من خلال العلاقات الخارجية إقليمياً وعالمياً، وهذه المكانة والثقة استمدها القائد من التفاف شعبه حوله.
نستذكر الوصايا الهاشمية على المقدسات الإسلامية و المسيحية، حيث حمل جلالة الملك المفدى، ملف القضية الفلسطينية والقدس على محمل الجد والإصرار، رافضاً الصفقات المشبوهه، مدافعا بكل شرف وكبرياء عن القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية، من خلال المحافظة على حق المواطن الفلسطيني على ترابه الوطني واستعادة أراض الغمر والباقورة على الرغم من كل التحديات الخارجية، وتشرف جلالتة بالوصايا عليها، من خلال الدفاع عن حقوق الفلسطينين بإقامة دولتهم المستقله عاصمتها القدس.
عندما نتطلع لهذه الإنجازات ونحن ها نحن نستذكر الاستقلال ونتطلع الى مقومات النهضة التي يمر بها المملكه، جاءت متزامنة مع عيد الفطر السعيد.
ويشاء الله أن تمر ذكرى الاستقلال لهذا العام والأمة في أشد اختبار، أمام جائحة فيروس كورونا ، ظل فيها الأردن قابضاً على القيم والمبادئ، وظلت القيادة الهاشمية موضعاً لرجاء الأمة وصوتها النابض بالحق من خلال تظافر الجهود الوطنية والإجراءات الوقائية لحماية الشعب من وباء كورونا، فندرك أن التاريخ العظيم مواقف ينير بها الرجال حالكات الليالي، فيحفظ لهم الزمان صمودهم وثباتهم، وهم من لا تحنيهم متغيرات الأيام، وهو ما كان لجلالة القائد الأعلى الملك عبد الله الثاني، الفارس الذي جمع تاريخ آل هاشم وحاضره، وهو القائد القائم مدافعاً عن الحق بمهابة الملوك، وبلاغة الحكماء، وهو الأب والأخ الذي يترجل ليفطر مع جنوده على قليل من التمر والماء إذا ما حان وقت الغروب في رمضان.
أن تصريحات جلالة الملك المفدى للصحفية الألمانية جاءت لتؤكد المبادئ الهاشمية الرافضة للمساومة على حق الشعب الفلسطيني على ترابه الوطني ونبذ كل القرارات التي تتعارض مع الشرعية الدولية والقانون الدولي.
وتمر ذكرى الاستقلال بناء من جديد… ولا يخفى على أحد ما يتحمله الأردن اليوم، من تداعيات لأزمات أحاطت بنا ولم نكن طرفاً في أي منها، وكما لا يخفى على احد مقدار ما أظهره هذا البلد بقيادته الهاشمية من عزيمة وصلابة في مواجهة هذه الأزمات، في إقليم يكاد يكون تاريخه المعاصر الأكثر تعقيداً وازدحاماً بالتحديات في هذا العالم، و لم يثنِ ذلك من عزم الأردن، أو يضعف من جهد أبنائه، ومضى الأردنيون خلف قائدهم، يدافعون عن قيمهم، ومبادئهم، يكرمون الضيف، ويساعدون المحتاج والمضطر، وينادون على الأقصى بأن القدس توأم عمان، كيف لا؟ وأول الشهداء كان مؤسس هذا البلد والقائم على استقلاله الملك عبد الله الأول _ طيب الله ثراه _ وتبعه من شهدائنا قوافل من الرجال تعرف أسمائهم حجارة القدس، وتعرف وجوههم أسوار القدس، ويحفظ تراب القدس بطولاتهم، وما زالت أضرحتهم على أرض فلسطين شاهدة على البطولة والتضحية.
ويعود يوم الاستقلال لنستذكر في خواطرنا وقلوبنا شهداء الوطن، وما نسيناهم إنما نستنهض اليوم من ذكراهم معاني وحدتنا وتماسكنا ورباطة جأشنا في وجه التحديات، ونستهل من بطولتهم معاني البذل والعطاء، ونستحضر بكل الفخر تضحيات منتسبي قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية. .
نختتم حديثنا بأن جمع الله المناسبة الوطنية بيوم العطف والتسامح، عيد الفطر السعيد، داعياً الله أن يكلل جلالته وولي عهده الأمين، بموفور الصحة والعافية وكل عام وانتم والشعب الأردني بخير.