صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
نَشرت صحيفة الرأي الأردنية ، خبراً صادراً عن دائرة الإفتاء ، ولأهميتة ، تم نشره في الصفحة الأولى ، عنوانه (( كَراهة الزواج بين العِيدَين .. لا أصل لها في الشرع )) . حيث أكدت دائرة الإفتاء على ان كَراهة عقد الزواج او الدخول بين العيدين لا أصل لها في الشرع وهي من آثار الجاهلية . وبَيّنت في الفتوى الصادرة عنها رداً على سؤال وردها حول مدى صحة حُكم الزواج بين العيدين بما يلي : انه ( يُباح ) الزواج بعد عيد الفطر ( ويُستحب ) في شوال ، واما ( كَراهة) عقد الزواج او الدخول بين العيدين فلا أصل له في الشرع ، وهو من إعتقادات الجاهلية . بل إستحب بعض العلماء الزواج في شوال وهو بين العيدين ، لِما ثبت في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت : (( تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال … )) . وما يتخيله بعض العَوام اليوم من كَراهة التزوج والتزويج والدخول في شوّال ، أنه باطل لا أصل له ، وهو من آثار الجاهلية ، حيث كانوا يتطيرون بذلك لما في إسم شوال من الاشالة والرفع .
ما هذا التَخلُّف !؟ ما هذا التَحجُّر !؟ ما هذا الإنغلاق الفكري !؟ ما هذه السطحية !؟ ما هذا التسطيح للدين الاسلامي العظيم !؟ ما هذا التشويه !؟ ما هذه الخزعبلات التي تسيء الى دين ونهج سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !؟ في أي عصر يعيش هؤلاء الناس !؟ ما طبيعة حياتهم !؟ هل يَسكنون الغابات بِرفقة إنسان الغاب !؟
والدليل على ان هذا الإعتقاد الجاهل مُنتشر بين كثير من الناس ، هو إعطاء دائرة الإفتاء له أهمية خاصة ، سواء بإصدار فتوى مُنفردة لِلرّد على هذا السؤال السطحي ، او بالإطالة في التفنيد والتوضيح والنفي لبعض الجوانب ، والإثبات لجوانب أخرى ، يُضاف الى ذلك نشره في الصفحة الأولى للصحيفة الرسمية الأولى . ومع تأكيد دائرة الإفتاء لِبُطلان هذا الإعتقاد ، أكدت انه من آثار الجاهلية !؟ وهل كان هناك عيدين إسلاميين مُتمثلين في عيد الفطر ، وعيد الاضحى ، وقد يقول قائل ان التفنيد في ربط هذا التطير في شهر شوال ، على اعتبار انه من الاشالة ، كما ورد نصاً في الفتوى !؟ ولا اعرف معنى الاشالة . وحتى اذا صَحَّ ذلك ، ما علاقة العيدين !؟ لماذا يُحشر العيدين !؟ لماذا لا يُقال : هل يصِح الزواج في شوال !؟ فقط دون الإشارة لعيد الفطر وعيد الأضحى ، وما بينهما ، وهما شهر ذو القعدة ، وعشرة أيام من ذي الحجة ، وعليه ما ذنب شهر ذو القعدة وشهر ذو الحجة !؟ بما ان الجاهلية لم تذكرهما وحددت تطيرها بشهر شوال ، اذا لماذا تَقوَّلنا على الجاهلية !؟
مُعضِلة الإسلام العظيم في عدد من مُعتنقيه ، الذين تعددت أوجه إساءاتهم ، فمنهم الجهلة ، ومنهم من إحترف الإجتهاد في الدين رغم الجهل ، ومنهم من أصابه الغرور بقليل معرفته ومحدوديتها ، فبدأ يستمرأ ، ويستهوي ، لا بل يعشق الدَسَّ من هنا وهناك ليضع بصماته الملوثة ليلوث ديناً عظيماً ، ومنهم من إغتَر بنفسه واصبح شيخ طريقة يحلل ويحرم ، ويفتي ويوجه ، ويَنْهَى ويَستحسن ، وكأنه مفروض من الله عزّ وجلّ ، حتى أصبح بينه وبين اصدار صكوك غفران ، او منح مفاتيح الجنة خطوة الاّ رُبع . ومنهم خريجو الجامعة الاسلامية في تل ابيب التي تُدَرِّس الصهاينة العرب كل التخصصات الفرعية في الشريعة الاسلامية وبعد تمكنهم من تخصصاتهم في الدين الاسلامي يتم إعادة إنتشارهم في الاقطار العربية ويتم تعيينهم كأئمة مساجد وشيوخ دين ، وتكون مهمتهم الأساسية هي إدخال هكذا تشويهات لدين الإسلام العظيم . ومنهم العملاء ، الذين أصبحوا ادوات لتنفيذ اجندات الغرب المتسلط المتغطرس لتشويه الاسلام للحد من مخاطره حسب اعتقادهم ، مع انهم هم الذين شيطنوه ، وحَرَّفوه ، وحَرَفوه ، وشوهوه لِتَسْهُل الإساءة اليه ، واستخدام بعض معتنقيه من المسلمين كأدوات لتنفيذ أجنداتهم الخبيثة ، وقد فعلوا ، ونجحوا أيما نجاح ، وما التنظيمات الإرهابية التي تعيث فساداً وتقتيلاً إلا أحد الأدلة الظاهرة التي تكشفت ، وما خفي أعظم ، وأخطر ، وأدهى ، وأمَرّْ .
التشاؤل ، لمن لا يعرف ، هو مصطلح إستُحدث في ثمانينيات القرن الماضي من أحد السياسيين الفلسطينيين ، غاب عن بالي إسمه الان ، تهكماً على المتأرجحين بين التشاؤم والتفاؤل فيما يخص نظرتهم للقضية الفلسطينية ، فؤخذ النصف الأول من كلمة تشاؤم ، والنصف الثاني من كلمة تفاؤل ، وأُدمِجتا ، لتُشكل مصطلحاً جديداً بهذا المفهوم . وها هو هذا المصطلح يعبر عن تأرجحنا بين التشاؤم من الزواج بين العيدين او التفاؤل به ، فأصبح تشاؤلاً .
ما أكثر ما دُسَّ على الإسلام العظيم ، خاصة ما أُقحم من أحاديث مُلفقة على لسان سيد البشرية محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام ، فمثلاً يقولون ان هناك (٢٠٠,٠٠٠ ) حديث ، تصوروا !؟ لو قسَّمنا عدد الأحاديث هذه على ( ١٣ ) عاماً هي مدة البِعثة المُحمّدية ، ثم قسّمنا الناتج على ( ٣٦٥ ) يوماً عدد أيام السنة ، يكون الناتج اليومي ( ٤٢ ) حديثاً في اليوم الواحد كمعدل يومي ، اي انه في بعض الايام يكون عدد الأحاديث إما أكثر او أقل !!؟؟ ونحن نعلم عِلم اليقين بأن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بشر ، أي يَنام ويستيقظ ، ويأكل ويشرب ، ويلتقي بالمسلمين للتشاور في امور دينهم ودنياهم ، ويتوضأ ، ويصلي ، ويهتم بشؤون أهل بيته ، ويَصِحُّ ويَمرض ، ويُخطط ويُشارك في الحروب ، وعليه مُتطلبات يومية كثيرة ، فهل يُعقل انه يَصدر عنه (٤٢ ) حديثاً كمعدل يومي !!؟؟ برأيي المتواضع ان هذا أحد الإثباتات الدامغة القاطعة بحجم ما أُدخل على الاسلام من دسائس .
دِينُنا عظيم ، وإستهدافه بحجم عَظمته ، مِمَّن يَنتسبون اليه ، ومن الغرب الذي وضع خِططاً جهنمية لإستهدافه منذ ثمانينيات القرن الماضي . الإسلام دِينُ الإنسانية ، يَصلح لكل زمان ومكان ، لو لم تتم قوقعته من قبل المتحجرين الذين أساءوا فهمه وهم يدّعون الدفاع عنه . فدُست الخُزعبلات ، والغَيبيات ، والإسرائيليات وعن سبق اصرار وترصد لتشويهه .
إحتَرنا ، وتمرجحنا ، وتنقلنا بين التشاؤم والتفاؤل ، بين الكَراهة والإستحباب ، اليس ذلك من العجب العجاب !؟ من يُنقذ دين الإسلام العظيم ممن يستهدفونه ، ويشوهونه ، ويتعصبون اليه بتخلف ، وتحجرٍ !؟ الحمد لله رب العالمين أنه حفظ القرآن الكريم ، وصدق ربُّ العِزةِ حين قال في كتابه العزيز : بسم الله الرحمن الرحيم (( إنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكر وإنّا لَهُ لَحَفِظُون )) صدق الله العظيم ، سورة الحِجْر الآية رقم ٩ . الحمد والشكر لك يا ربي انك تعهدت بحفظ كتابك من اتباعك واعدائك .