صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
الله سبحانه وتعالى ، لم يخلق شيئاً عبثاً . ما لا نعرف الجدوى من خَلقِه يعود الى عجزنا عن فهم مكنونه . كل شيء خلقه الله سبحانه وتعالى لهدف ما يؤديه للإنسانية جمعاء ، ولم يخلق الله شيئاً عبثاً . ولا شيء بالمطلق من مخلوقات الله أضرّ بالكون ودمره الا الإنسان .
الإنسان تفرد في الدمار وإيقاع الأذي في كل شيء خلقه الخالق سبحانه وتعالى . وأدى تراكم الإختلالات الى تأثيرات سلبية مدمرة على التوازنات البيئية ، وفق منظومة خلقه سبحانه جلّت قدرته . تَدخُّل الإنسان أفسد كل شيء ، فدمّر الغابات ، وأذهب صفاء السماء ، وغيّب زرقتها البديعة الساحرة ، ولوّث المياة ، وبدأت ملايين المخلوقات بالإنقراض . حيث يقول العلماء ان عدد أنواع المخلوقات التي عاشت على الأرض يزيد عن ( ٥ ) مليارات نوع ، إنقرض منها ما نسبته ( ٩٩٪ ) . وذلك بسبب التغيرات المناخية الناتجة عن التلوث الهائل بسبب التدخل البشري الذي أحدثه الإنسان وأفسد به التوازنات البيئية الربانية .
في قريتي زحوم في محافظة الكرك كانت أسراب الحمام البري ، والأرانب البرية ، وطيور الشّنار ، مثلاً ، تحيط بالقرية ، كنا نكاد ان نتعثر بها من كثرتها وقُربها من القرية . اما الأعشاب البرية العطرية التي يأكلها الإنسان فكانت بالعشرات ، حتى أننا كُنا نسرح كما الأغنام لنأكلها . أما الاعشاب الخاصة بغذاء الحيوانات فكانت تغطي السهول والوديان والجبال ، لدرجة ان الخروف الذي عمره ثلاثة شهور كان يصل وزنه قائما الى ما يقارب ( ٥٠ ) كغم .
قبل أيام أرسل لي إبن العم الذي أحترم الأستاذ / قفطان الطراونه ، صورة لشاب وضع كرسياً على حمار ، وجلس الشاب على الكرسي على ظهر الحمار ، وتضمنت الصورة تعليقاً عميق الدلالة أذكره نصاً : (( كرسي على حمار ، أفضل الف مرة من حمار على كرسي )) . أثار التعليق شجوني لعمق مدلولاته ، واقتنعت بالمحتوى ، وازدادت القناعة به عند تطبيقه على الواقع المُعاش ، وشعرت ان شيئاً من الغبن والتشويه قد طال الحمار في بعض مدلولاته . لأن الحمار معطاء ، مُنجز ، يعمل بكل جهده ، ويتميز عطاءه بالكفاءة ، والاقتدار ، وبُعده عن الفساد ، والإفساد ، والغِش ، والخداع ، والتلكؤ ، والتبرير ، وظلم الآخر . والأهم ان الحمار التزم منذ بدء الخليقة بما خُلِق له ، وأدى ويؤدي دوره الذي رُسِم له بكل كفاءة وإستقامة وإقتدار .
نعم ، ما أكثر من يجلسون على كراسي الوظيفة العامة من الموظفين والمسؤولين ، الذين يكون الحمار أفضل ، وأشرف منهم بكثير ، لا بل هو أجدر منهم بالجلوس على كراسيهم . قد يقول قائل : لماذا !؟ أقول له لأن الحمار يؤدي واجبه الذي يكلفه به صاحبه خير أداء ، وأدق إنجاز . فهو يُجهد نفسه ، ليؤدي مهمته على أكمل وجه . ولا تلعب المزاجية ، والواسطة والمحسوبية أي دور بالمطلق ، كما انه لا يتوانى ، ولا يتباطأ ولا يتلكأ ، ولا يبرر ، ولا يُغرر بصاحبه ، مطلقاً .
وهناك فئة أخرى من المسؤولين ، نظلِم الحمار اذا قارناهم به ، بكل تأكيد ، لأن الحمار يستحيل إستحالة مطلقة ان يلعب دور الفاسد او المُفسد ، كما ان الحمار لا يسرق ، ولا يخون ، ولا ( يُكمشن ) ، ولا يبيع مقدرات صاحبه ، ولا يُفرط في أرضه ، ولا يعرف شيئاً عن الملاذات الآمنة ، ومهما قدّم له صاحبه يأكله مع الشكر والعرفان والإمتنان ، لا بل ويحاول الحمار ان يأكل من خيرات الأرض ليوفر على صاحبه كُلفة إطعامه ، بينما بعض المسؤولين الفاسدين — وخاصة الكبار منهم — لانه كلما ارتقت مرتبة المسؤول الفاسد ، زاد ضرره ، وخطره . مثل هؤلاء المسؤولين الفاسدين ، يدمرون أوطاناً ، ويُفقِرون شعوباً ، ولا انتماء ولا ولاء ولا اخلاص لديهم . فكل ما يهتمون به ويُشغل بالهم يتمثل في نهب كل ما تطاله ايديهم العفنة الملوثة ، ليوفروا أموالاً طائلة ليهيموا في الأرض ، باحثين وبلهفة ساقطة عن ملاذاتهم ، وملذاتهم الرخيصة ، الوضيعة .
على فكره للحمار إسم آخر او لقب آخر هو ( ابو صابر ) ، لانه يصبِر على إستغلال الإنسان له ، وسوء تعامله معه . أحترم الأشخاص الذين أسسوا وأنشأوا أحزاباً للدفاع عن الحمير . أتضرع للعلي القدير ان يُخلِّصنا من ، ويُصبِّرنا على ( أبو صابر ) الذي على هيئة إنسان ، والإنسانية منه تخجل ، لا بل هي من أشكالهم براء .