مطار رامون .. أُنشيءَ .. أمامَ العُيون

29 أغسطس 2022
مطار رامون .. أُنشيءَ .. أمامَ العُيون

بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه

هذا الوطن الذي كان عزيزاً ، أُهين ، ومُسِخ ، وأصبح مثل (( الحيط الوطي كل بنطه ) ، والسبب الرئيس لهذا الذُلّ ، والإنهيار يتمثل فيمن يديرونه من كبار المسؤولين . حكوماته أصبحت هزيلة ، ذليلة ، مِطواعة لكل طامع . لا يُشغلها الوطن ولا ناسه ، ولا ممتلكاته التي أضاعوها ، وباعوها بأبخس الأثمان . أما عمولاتهم ، فكانت جزلة ، سخية تتناسب مع عمالتهم ، ونذالتهم .

لِتقدِّروا مدى إستهانة العدو بنا ، بسبب نذالة ، وخيانة كبار المسؤولين ، أرى انه من الضروري ان اقتبس بعض المعلومات الفنية الهامة المتعلقة بإنشاء مطار رامون من منشور مطوّل كتبه الطيار الوطني العروبي الغيور الكابتن طيار / يوسف الهملان الدعجة ، ونشره بتاريخ ٢٠١٩/١/٢٨ . بداية مطار رامون الذي أنشأه العدو الصهيوني في الأراضي المحتلة بجانب مطار الملك حسين في العقبة ، مطارين في عنق زجاجة . وقد تطرّق الكابتن / يوسف الهملان الدعجة لثلاثة محاور هي : محور السلامة الجوية ، والمحور القانوني ، والمحور الإستراتيجي . حيث لم يؤخذ بعين الإعتبار المسافات القانونية بين المطارات ، ولا حتى المسافة بين مدرجين في مطار واحد يتبع لنفس التعليمات لبرج واحد ، فكيف في برجين وقوانين مختلفة !؟ حيث لا يبعُد مدرج المطار المخصص للإقلاع والهبوط الّا (( ٣٣٠ )) متراً عن مطار الملك حسين في العقبة . بينما من الضروري ان تكون المسافة أكثر من (( ١٠,٠٠٠ )) متر . أما المسافة بين الطائرات في حال وجود رادارات حديثة تكون (( ٥ — ١٠ )) ميل جوي ، والميل الجوي يساوي (( ١٨٥٠ )) متراً ، وفي حالة الإقتراب النهائي يكون الحد الأدنى للمسافة (( ٢,٥ )) ميل جوي ، اي ما يقارب (( ٤,٦٣٠ )) متراً ، كل المسافات المذكورة أعلاه تراعى في الهبوط . أما في حالة الإقلاع فالمسافة بين الممرين تكون حسبما ذُكر أعلاه ، مع ضرورة توافر فاصل عرضي بين الطائرات المحلقة مباشرة لا يقل عن (( ١٥ )) درجة بعد الإقلاع . كل هذه القوانين لنفس المطار الواحد ، وليس لمطارين . إذاً من ناحية السلامة الجوية فإن إنشاء مطار رامون يتعارض مع كل القوانين والأنظمة التي أوصت بها المنظمة الدولية للطيران المدني (( ICAO )) .

أما من الناحية القانونية ، يضيف الكابتن طيار / يوسف الهملان الدعجة ، بأنه تم إختراق معاهدة شيكاغو ، التي تنص على وجوب إحترام سيادة كل دولة على أجوائها من قبل الدول المجاورة . كما يطرح الكابتن سؤالاً : هل تم إختراق إتفاقية وادي عربة التي تتضمن نصاً واضحاً وصريحاً متعلقاً بالطيران المدني وإنشاء المطارات عامة وفي منطقة العقبة على وجه الخصوص !؟

أما من الناحية الإستراتيجية يشير الكابتن طيار / يوسف الهملان الدعجة الى ان مطار رامون يعتبر مطاراً عسكرياً بغطاء مدني ، حيث يقع بين جبال من الشرق والغرب ، وهو في وادٍ ، ولا يبعد عن الحدود الأردنية الا أمتاراً معدودة ، وبُني ليكون مطاراً إحتياطياً في حال تعرضت المطارات الأخرى للقصف الصاروخي ، ووجود منظومة القبة الحديدية ، وصواريخ باتريوت المضادة للصواريخ على قمم الجبال المجاورة ، حيث تجعل هذا المطار مُحصناً ، ويعرّض الأراضي الأردنية للخطر في حال تعرّضت هذه القاعدة المدنية العسكرية المحصنة للقصف الصاروخي .

ما نشره الكابتن طيار / يوسف الهملان الدعجة ، ليس مقالاً ، بل دراسة تحليلية فنية ، تفصيلية ، هامة ، لا بل خطيرة ، تعكس عمق فهمه لمخاطر إنشاء العدو لهذا المطار . كما تبين إنتمائه ، وحرصه على وطنه . لكن ما يؤلم : لماذا لم يأخذ أصحاب القرار في الدولة الأردنية بمضامين هذه الدراسة !؟

نُشر بأن العدو الصهيوني بدأ بوضع المخططات ، والتصاميم ، والدراسات لهذا المطار في عام ٢٠١١ ، أي قبل (( ١٢ )) عاماً . وأنا كُلي ثقة بأن أجهزتنا الأمنية بكافة تخصصاتها لابد وأنها حصلت على معلومات إنشاء هذا المطار فيه حينه ، وبكل تأكيد تكون قد نقلت تلك المعلومات الإستخباراتية الى أصحاب القرار في حينه . والسؤال هنا : لماذا تم السكوت على ذلك !؟ ولماذا لم تتحرك الحكومات الأردنية في حينه بإستخدام كافة وسائل الضغط المتاحة لثني العدو عن إقامة هذا المطار ، ويدعمها مخالفة إنشاء هذا المطار الى كل القوانين والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالطيران المدني وإنشاء المطارات !؟

كل التركيز في الوقت الحالي مُنصب على تقديم شكوى لهيئة الطيران العالمية . ما هذا السُخف !؟ ماذا تتوقعون منها ان تعمل لكم والمطار أصبح حقيقة واقعية ملموسة ، لا بل وبدأ تشغيله بإقتدار !؟

والمشكلة الكبرى انه لم يتم الإلتفات الى الفتنة التي بدات تُطل براسها . وكل طرفٍ يلوم الآخر ، ويعاتبه انه لم يسانده . مع الأسف حكومات سطحية الأداء ، عاجزة عن إجتراح حلول لمشاكل هي تخلقها لانها ناتجة عن سوء إدارتها للدولة الأردنية ، حتى أصبحت مصائبنا بهم مركبة . حيث يظهر عجز الحكومات الأردنية مرتين الأولى في المخاطر التي تنشأ عن سوء إدارتها للوطن ، والثانية عجزها عن إجتراح حلول منطقية وواقعية للمصائب التي تنتج عن سوء الإدارة .

يا حكومات العجز والقصور ، المطار أصبح واقعاً ، ويستحيل تجميد تشغيلة ، وليس أمامكم للتخفيف من أضراره الا بالتسهيل والتيسير على الأشقاء الفلسطينيين في المعابر ، والسماح لهم بالدخول الى الأردن بسياراتهم . أنشئوا أكثر من معبر ، مزودة بكل الخدمات لتكون حضارية توفر الوقت ، والجهد ، والمال على الأشقاء الفلسطينيين .

المطار خُطط له ، وإنشيء ، وتم تشغيله ، أمام أعين حكوماتنا ، وحكوماتنا المتعاقبة في سُبات ، يصل درجة الخيانة للوطن . حكومات ليس لديها قدرات إستخدام مفهوم تبادل المصالح ، وإستغلال أوراق الضغط المتاحة ، وتحريك المنظمات الدولية ، وإستثمار العلاقات مع دول العالم . إذاً ما يُشغلها !؟ وما هي قدراتها !؟ وهل هي بمستوى إدارة وطن !؟ وعدونا الذي إبتُلينا به مثل السلّاخ يبدأ بإدخال ظفر أحد الأصابع بين جِلد الذبيحة ولحمها ، الى ان يتمكن من إدخال ساعده بأكمله . وكل مطالبه — لا بل أوامره مُجابة — فنشتري منه غاز غزة المنهوب ، وقدمنا له — موطيء قدم — قطعة أرض واسعة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية ، مقابل ان يتحسن علينا بجزء يسير من مياهنا التي سرقها وحجبها عنّا ، والتبادل التجاري قائم على أوسع مدى ممكن ، ولولا المقاطعة الشعبية لمنتجات الكيان لأصبح المُصدِّر الأول لنا ، ونستقبل كبار وصغار مسؤوليهم ، وكرمنا يُخجلنا ان نتقدم لهم بطلب !؟ من إستمرأ الذل ، تسهُل عليه خيانة الوطن .

الاخبار العاجلة