صراحة نيوز – بقلم : عوض ضيف الله الملاحمة
عندما تجلس منفرداً ، وتُقارن بين ما كانت تُشكِله القضية الفلسطينية بالنسبة لكل العرب والمسلمين وأحرار العالم قبل عقود من الزمن ، وبين ما تُمثله هذه القضية العادلة لدى العرب والمسلمين وأحرار العالم الآن ، تجد ان الوضع مُخزٍ ومعيب ، ولا يمكن تصديق ما آلت اليه هذه القضية المقدسة .
وعند سبر أغوار كل موقفٍ على حِده تجد الآتي : تجد ان أحرار وشرفاء العالم هم الوحيدون الثابتون القابضون على جمر هذه القضية ، حيث لم يغيروا ولم يبدلوا مواقفهم البتة . يليهم — أي يلي او يتبع أحرار العالم — ويأتي بعدهم أحرار العرب والمسلمين ، غير المرتبطين ، وغير المتنفعين ، وغير الموجَهين وغير المؤتمَرين من الأنظمة ، نعم غالبيتهم العظمى ما زالت القضية الفلسطينية هي قضيتهم الأولى والمركزية . لكنهم مثلما يقول المثل الشعبي (( لا في إيدهم ولا في حديدهم )) ، أي لا يلوون على شيء ، وليس بمقدورهم او إستطاعتهم تقديم أي شيء ، سوى مشاعر التعاطف والحسرة والألم والدعاء . أما الأنظمة العربية بعامتها فقد أصبحت عبئاً على القضية ، فاضعفتها وهمشتها في مواقفها ، لدرجة انها ضيعتها . أما السلطة ( غير الوطنية ) ( غير الفلسطينية ) ،فحدث ولا حرج ، ولا أظن أن عربياً لا يعرف ، لا بل لم يُحرج من درجة عمالتها للعدو الصهيوني المحتل .
في الآونة الأخيرة ، إنتشرت أقوال عن مسؤولين عرب عديدين يُقللون من شأن القدس وأهميتها ورمزيتها وبعضهم يعزز ذلك بأحاديث نبوية شريفة وردت بصياغات عديدة منها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لأن تُهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من قتل إمرىءٍ بغير حق )) ، وكلمة إمرىءٍ هنا ليست مقتصرة على أتباع دين مُعين ، اي انها تعني البشرية بأجمعها . ويخلصون الى القول ان القدس الشريف أقل مكانة من الكعبة المُشرفة .
وهناك من يشككون بإسراء ومعراج رسول الله .
وهناك من يشككون في موقع المسجد الأقصى وبأنه ليس المسجد الحالي الموجود في القدس الشريف .
طبعاً كل هذه الإدعاءات وتنوع أساليب التشكيك ليس عفوياً ولا عبثياً وانما مصدره الدعاية الصهيونية التي نجحت في اختراق ضِعاف العقيدة ومهزوزي الإنتماء للقضية .
وللرد على هؤلاء السخفاء المتخاذلون نقول : بان المهم هو رمزية القدس ، لأننا لا نعبد الأصنام حتى نعبد ونقدِّس ونسجد لحجارتها . اليست القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين !؟ أليست القدس مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم !؟ الم تُسفك دماء الألوف من العرب والمسلمين لتحريرها والدفاع عنها منذ قرونٍ موغلةٍ في القٍدم !؟ هل كان البطل صلاح الدين الأيوبي الكردي غير العربي غبياً في تحريره القدس الشريف !؟ هل كانت العملاقة فيروز ساذجة عندما تغنت بالقدس !؟ هل كان الشاعر العراقي العملاق مظفر النواب سطحياً عندما قال : القدس عروس عروبتكم !؟ هل وجود مصطبة القدس في الكرك ، ومصطبة الكرك في القدس شيء لا معنى ولا قيمة له !؟
تَغطّْرَسَ العدو الصهيوني المحتل وتَجبَّر ، ليس لانه لم يجد من يردعه ، لا بل لانه وجد من يدعمه . والله انني لا ألوم هذا العدو الصهيوني المحتل على غطرسته أبداً ، لأن من حقه إستغلال خنوعنا وذِلتنا ، وهواننا على أنفسنا شعوباً وحكومات . ومين يَهُنْ يسهل الهوان عليه .