الحوار طريقنا الآمن

3 أكتوبر 2017
الحوار طريقنا الآمن

صراحة نيوز – بقلم جمانة غنيمات 

ثمة تضاد كبير بين شعار حماية الطبقة الوسطى الذي ترفعه الحكومة وبين حزمة القرارات الصعبة التي تفكر بها، لأن تنفيذ الأخيرة يعني، حكما، التأثير على هذه الطبقة.

اليوم بدأت الحكومة بقيادة رئيس الوزراء د. هاني الملقي حوارا وطنيا تقول إنها تسعى من خلاله لشرح وجهة نظرها، والنقاش مع جميع المعنيين حيال المرحلة المقبلة، وهذا أمر طيب.

نواة اللقاءات كانت مع مجلسي الأعيان والنواب لتقديم رؤية الحكومة وشرح واقع الحال، رغم أن البداية كان يمكن أن تكون أفضل لو بدأها الرئيس مع القطاعات المتضررة من القرارات المقبلة، من أجل التوصل لصيغ وسطية ترضي الجميع، بدلا من أن يبدأ من السلطة التشريعية، فالأصل أن يقدم الطرف صاحب العلاقة رأيه حتى يطلع عليه النواب والأعيان، لتؤخذ وجهات النظر جميعها بعين الاعتبار.

ما يرشح من معلومات يقول إن الحكومة ستفتح معظم الملفات التي ترى فيها خللا وتشوها يشكل عبئا ثقيلا على الخزينة. القصة تبدأ بالخبز وتمرّ بالكهرباء، ولا تنتهي بضريبة المبيعات على قائمة السلع والخدمات، بيد أن الرئيس أكد في تصريح لـ” الغد” يوم أمس أن حكومته لن تمسّ الخبز وكذلك إعفاءات الأفراد الممنوحة بموجب قانون الضريبة المعمول به.

تبدو الحكومة وكأنها حسمت أمرها وماضية في التنفيذ، لكنها آثرت الحوار مع المعنيين، وهي خطوة محمودة وإيجابية، وتمثل أول الطريق لاستكمال النقاشات حتى يتبلور التصور النهائي للقرارات التي ستتخذها الحكومة، لأن من ضمنها حزمة قرارات سترهق الناس وتزيد الأعباء عليهم في ظل ثبات المداخيل وعجز الاقتصاد عن خلق فرص عمل ذات قيمة مضافة تعوّض تكاليف القرارات الجديدة، أو تعين على تحمّلها.

القصد أن الحكومة تدرس كل الخيارات، وأن الرئيس يسعى لاتخاذ الأقل ضررا منها، وهذا جيد، فمثلا ومن باب أولى، بدلا من التفكير بالخبز والكهرباء وضريبة المبيعات مثلا، التركيز على التقدير الضريبي الذي نسمع كثيرا عن التلاعب به، وأيضا على التهرب الضريبي الذي تقول الحكومة دائما على لسان مصادرها إن قيمته تربو على مليار دينار، ولا يجوز للحكومة أن تقف عاجزة أمام بقاء هذا الملف معلقا.

في العاصمة شواهد كثيرة على التهرب، منها على سبيل المثال لا الحصر، شارع الخالدي الذي يضم مئات العيادات والمراكز الطبية، والشوارع الطويلة التي تضم معارض تجار السيارات، ولدى كل واحد منا قصة يمكن له أن يرويها حول المبالغ الطائلة التي يتم ضخها في تلك الشوارع، بدون أن تتمكن كل الجهات التنفيذية ذات الصلاحيات الكبيرة من حصر بعضٍ من التجاوزات التي نعلم أنها تحدث فيها.

ثم ماذا حل بنظام الفوترة الذي تحدثنا عنه كثيرا، وهل ثمة خطوات اتخذتها وزارة المالية ودائرة ضريبة الدخل والمبيعات من تطبيق المبدأ الذي سيساعدها في محاصرة التهرب الضريبي، وهل ثمة تغييرات تتعلق بالحد الأدنى لتسجيل القطاع التجاري لتوسيع القاعدة أيضا، بدلا من الضغط على ذات الجهات الملتزمة بتطبيق القانون.

لمتابعة الملف السابق، أظنننا بحاجة لفرق عمل تلاحق كل هذه المسائل، كما على المعنيين الالتزام بوعودهم في محاربة الفساد الصغير في المؤسسات، لأن ما يضيع من أموال للخزينة بسببه كبير، والتهرب وسوء التقدير جزء منه.

على كل حال، بدأ الرئيس خطوة في الطريق الصحيح، فالحوار وتبادل وجهات النظر وإعادة بناء جسور التواصل والثقة هي السبيل الأمثل لجعل الناس شركاء في القرار، والرئيس يدرك أن الطريق صعب وليس مزروعا بالورد، وعليه أن يزيل الشوك قبل أن يخطو أي خطوة.

الغد 

الاخبار العاجلة