مرت عشر سنوات على تجربة المغرب بتشكيل الحكومات الحزبية من الحزب الذي يحظى باغلبية نيابية او ائتلافية مع احزاب اخرى وهي تجربة تستحق الالتفات وفيها من الايجابيات الكثير وربما يطالها بعض النقد في حدود تجربتها. جاء دستور المغرب الذي صادق عليه الملك محمد السادس عام 2011 ليعطي دورا اكبر للأحزاب السياسية مع بقاء الصلاحيات التي تحمي الدستور وقضايا الامة من اي تغول بيد الملك.
نص الدستور المغربي على على ان الاحزاب شريك في ممارسة السلطة التنفيذية داخل المؤسسات المنتخبة بينما المؤسسات غير المنتخبة تكون بعيدة عن تأثير الحسابات السياسية للاحزاب السياسية .وافرد الدستور فصلا لتعريف الحزب السياسي ومهامه من بينها ( المشاركة في ممارسة السلطة على اساس التعددية والتناوب بالوسائل الديمقراطية وفي نطاق المؤسسات الدستورية).كما نص الدستور على انه ( لا يجوز للاحزاب المساس بالنظام الملكي او المبادىء الدستورية ).
وبعد اقرار دستور 2011 جرت انتخابات فاز فيها حزب العدالة والتنمية الاسلامي ( المقرب من جماعة الاخوان المسلمين) والذي يرتبط بعلاقات مع حزب العدالة والتنمية التركي برئاسة رجب طيب اردوغان .. بأغلبية نيابية وبموجب ذلك كلف الملك محمد السادس زعيم الحزب عبدالاله بن كيران بتشكيل الحكومة التي ضمت اعضاء من ائتلاف حزبي مشارك لحزب التنمية والعدالة والتي بقيت من عام 2011 الى عام 2017 . وفي عام 2016 فاز الحزب بأغلبية نيابية ولكن بن كيران فشل في تشكيل الحكومة فعهد الملك محمد السادس لرئيس الحزب سعد الدين الهاشمي بتشكيل الحكومة التي استمرت حتى الآن وتضم ممثلين عن خمسة احزاب سياسية .
ورغم المخاوف الكبيرة من سيطرة حزب سياسي معين من لون واحد فان الدستور المغربي اعطى صلاحيات للملك يستطيع بموجبها الحفاظ على الدولة والسلم الاهلي .وبموجب الدستور الجديد فالملك يعين رئيس الحكومة من حزب الأغلبية البرلمانية ولكن ايضا يستطيع حل المجلسين التشريعيين ( النواب والمستشارين).. ويستطيع في نفس الوقت اعفاء عضو او اكثر من اعضاء الحكومة بالتشاور مع رئيس الحكومة.
وقد اعلنت الأحزاب المغربية ، التزامها بالدستور وبصلاحيات الملك .
وعلى الرغم من ان الدستور قد نص على ( ..عدم جواز تأسيس الأحزاب على اساس ديني او لغوي او طائفي او عرقي… الخ )، الا ان حزب العدالة والتنمية ( الاسلامي!!) حصل على الترخيص بناء على نظامه الأساسي الذي اكد انه .. ( حزب سياسي وطني يسعى انطلاقا من المرجعية الاسلامية وفي اطار الملكية الدستورية الى الاسهام في بناء مغرب حديث وديمقراطي ومزدهر .. ).
ورغم مسيرة عشرة اعوام من تشكيل الحكومات الحزبية الا ان هنالك قضايا ما زالت محل خلاف منها رفض حزب التنمية والعدالة لقانون الإنتخاب الأخير الذي لجأ الى اعتبار ” القاسم الانتخابي ” للمقعد النيابي هو من مجموع المسجلين في سجلات الناخبين ..وليس كما كان سابقا من مجموع الذين ادلوا باصواتهم وهو ما ستجري عليه انتخابات ايلول 2021 .. في حين تعتبر باقي الأحزاب ان ” اعتماد القاسم الانتخابي من عدد المسجلين يضمن تمثيلا افضل لكل الأحزاب” و ” ينهي اي احتكار للعملية الديمقراطية التي يستفيد منها حزبان فقط احدهما العدالة والتنمية”.
التجربة المغربية في تشكيل الحكومات الحزبية وقانون الانتخاب وقانون الأحزاب تجربة تستحق الدراسة والإهتمام وتطورت بشكل كبير في بلد كان يعاني من مسألة التمثيل البرلماني ومشاركة الأحزاب في الحكومات وهو ما تم تجاوزه بدستور عام 2011 والذي جاء في اعقاب تظاهرات 20 شباط/ فبراير في مختلف مدن المغرب.