السياحة .. فَنٌ .. وصناعة

22 يوليو 2019
السياحة .. فَنٌ .. وصناعة

صراحة نيوز – بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه

السياحة بمفهومها الشمولي العام ، تعتبر أروع ، وأرقى ، وأدوم الصناعات بمختلف أنواعها ، لأسباب عديدة جداً ، منها : ان السياحة تعتمد بالمطلق على تسويق مقدرات ، وتاريخ ، وآثار ، وأمجاد ، وحضارات البلاد ، وموجودات ، وتحف الوطن ، الغنية ، الثرية ، المبهرة ، غير خاضعة للنفاذ ، ومنتجها لا إنتهاء لصلاحيته ، دائمة العطاء ، والإنجاز ، وتصنع الرخاء للوطن ، تسويقها فيه شموخ ، وإباء ، وأمجاد ، وتاريخ ثري ، غني ، بهي . منتجها لا يبور ، يستمر لدهور ، وعصور ، مليء بالأمجاد ، كلما مر عليه الزمن ، سمى ، وغلى ، وارتقى ، وتفرد .

لكنها ، لتنجح ، وتزدهر ، وترفد خزينة الدولة ، وتكون معيناً لا ينضب ، يجب توفر متطلبات رئيسية : منها خدمات البنية التحتية ، فبقدر رقي تلك الخدمات ، تعكس حضارة البلد الحديثة ، المُعاشة ، واهمها ، المرافق الصحية ، والفندقية ، والمواصلات ، والأمان ، والإرشادات التوضيحية ، وكافة الخدمات اللوجستية ، ولباقة التعامل ، والمرونة في التعاطي مع متطلبات السائح ، وحسن الضيافة والترحاب ، كما يتطلب أنظمة وتشريعات وقوانين ناظمة للنشاط السياحي ، محفزة له ، وداعمة لأدائه ، منشطة لمقوماته ، تسهل عملية دخول البلاد والإقامة فيها ، ومغادرتها ، منها سهولة الحصول على التأشيرات ، والمرونة في تحديد مدد الإقامة ، والحد من الشروط التعجيزية التي تتطلب وقتاً وجهداً يزعج السائح ، وتسهل وجوده ، لتطيب له الإقامة . كما تتطلب ان يكون الشعب ودوداً ، لبقاً ، مضيافاً ، مبتسماً ، مرحباً ، مُتفهماً ، ومُقدراً لاهمية السياحة على المستوى الوطني .في بلدي الحبيب الاْردن ، الذي يعتبر ، متحفاً وطنياً ، متنوع الحضارات ، غني بالآثار المتميزة ، والفريد بعضها على مستوى العالم ، كل الاْردن يعتبر متحفاً مفتوحاً متصل الثروات التاريخية ، لكن هناك عوائق كبرى لازدهار السياحة فيه لتصل الى مستويات عالمية ، منها : ارتفاع أسعار الإقامة والوجبات وكافة الخدمات مقارنة مع دول الجوار ودول أخرى ، سوء الطرق ، والموصلات ، ولإعطاء الدليل القاطع على ذلك ، ليطّلع القاريء الكريم على الطرق الموصلة الى البتراء ، الدرة العالمية الفريدة ، شيء مُخزٍ ، ومعيب ،طريق قروي ، لا يزيد عرضه عن ستة أمتار ، الحفر فيه تشبه الخنادق ، غير مضاء ، بدون لوحات إرشادية ، وبدون حواجز حمائية ، اما المواصلات ، فهي معاناة الوطن ككل . أما المرافق الصحية فهي غير متوفرة في كل المواقع السياحية في الاْردن ، وان توفرت بالقذارة تمنع من دخولها واستخدامها ، ومن معضلات ، ومعيقات ، التنشيط السياحي ، ان الغالبية العظمى من موظفي وزارة السياحة ، ووزرائها من ابناء الشيوخ او من الطبقة الأرستقراطية ، الذين اعتادوا ان يُخدَموا ، لا أن يَخدِموا ، ومنذ إنشاء وزارة السياحة حتى يومنا هذا ، لم يتسلمها وزير متخصص ، باستثناء وزير واحدٍ أوحد ، لهذا تفرد ، وادى أداءاً متميزاً ، ونجح نجاحاً مبهراً ، وهو السيد عقل بلتاجي ، ونجاحة يعود لسببين رئيسيين هما : خدمته الطويلة في الخطوط الجوية الملكية الاردنية التي تتطلب الخدمة فيها نفس متطلبات النشاط السياحي ، وثانيهما : مواصفاته الشخصية من تودد ولباقة وتحضّر .

السياحة صناعة غنية ، ثرية ، مهمة ، العمل فيها استثمار لموجودات الوطن ، السياحة ، فن ، تتطلب مهارات تسويقية خاصة ، ليكون الاستثمار فيها مجدياً ، ورافداً حقيقياً قوياً للناتج المحلي ، وتوفير العديد من فرص العمل في نشاطات متعددة ، متنوعة ، كثيرة .
في ثمانينيات القرن الماضي ، كنت مديراً عاماً لمجموعة شركات في ابوظبي منها شركتي سفر وسياحة ، اقترح عليّ احد المدراء ان نشغل رحلات طيران ربط مشتركة تتوقف في عمان ، الهدف منها نقل سائحين من والى الاْردن ، وبعد موافقتي ، سافر المدير الى الاْردن ، والتقى كبار المسؤولين في وزارة السياحة ، وقدم لهم البرنامج الذي ننوي القيام به ، ووافقوا عليه ، وبعد ان أجرينا الاستعدادات اللازمة ، والتسويق المتميز المطلوب ، اقدمت وزارة السياحة على إلغاء البرنامج دون ابداء اية أسباب .

قبل ايّام أعلنت وزيرة السياحة ان الكلف التشغيلية والضرائب تربك النشاط السياحي !!؟؟ من رفع الكلف التشغيلية ، ومن رفع الضرائب يا حكومة !؟ ألستم انتم !؟ تصريحك اكد ان نهج حكومات الجباية أضر بكل القطاعات الاقتصادية .

الوطن في أزمة ، والتردي طال كل القطاعات ، والنهاية لا يعلمها الا الواحد الأحد .

الاخبار العاجلة