صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
في مثل هذا اليوم الموافق ٥ حزيران قبل ٥٣ عاما كنت قائدا لسريتي الثانية من كتيبة الأمير عبد الله، في منطقة الكفير قضاء جنين، ننتظر أوامر الهجوم المعاكس على القوات الإسرائيلية، المتقدمة من نابلس نحو مثلث الشهداء.
كانت طائرات المستير الإسرائيلية تلقي علينا براميل النابالم التي كانت تحرق الجنود وأشجار الزيتون المعمرة، وكانت المدفعية الإسرائلية تقذف علينا حممها من منطقة دير أبو ضعيف المقابلة.
وفي هذا الوقت كنا ننتظر تنفيذ الوعد بسرب من الطائرات المقاتلة المصرية، لتأمين السيطرة الجوية في سماء المنطقة، ولكن خاب أملنا ولم يصل المطلوب.
أظطررت في هذا الموقف أن أقف فوق ناقلة الجنود المحنزرة، حاملا رشاش Br واطلاق النار على الطائرات المهاجمة لأن رشاش ال ٥٠٠ لا يمكن توجيهه للأعلى. شاهدني الطيار الإسرائيلي الذي كنت أستطيع رؤيته في غرفة الطائرة، فقرر ان يصطادني.
عاد في إغارته اللاحقة وأهداني برميلا من النابالم. كان تسديده دقيقا، حيث شاهدت عن قرب بأن البرميل الساقط كان متجها إلي، فقفزت من ظهر الناقلة إلى الأرض، وسقط البرميل مكاني، حيث انتشر اللهب على شكل مظلة فوق رأسي ولم أصب بأذى.
ولكن ضابط الصف الذي كان بجانبي، وهو العريف فالح خلف والذي كان يعمل على رساش ال ٥٠٠ في برج الناقلة أصابته القذيفة، وخرج من الناقلة يركض مشتعلا بالنابالم، فطلبت منه أن ينام على الأرض لكي أطفي النابالم عن ملابسة بالتراب، والحمد لله أن كتبت له الحياة.
أما جهابذة العصر الذين يمتطون صهوات المناصب الهامة في الأردن هذه الأيام، فقد كانوا في حينها يتجولون في ساحات جامعة هارفرد ومثيلاتها، يتابدلون الأحاديث الودية مع الصديقات والأصدقاء، ويتناولون ساندويشات الهمبرجر، دون معرفة بما تواجهه القوات الأردنية في ساحات القتال في الضفة الغربية، دون غطاء جوي أو حتى توفر أسلحة الدفاع الجوي، التي تحد من فعالية الطيران المعادي.
فهنيئا لمن يحتلون المناصب العليا هذه الأيام، أما المحاربون القدامى فنصيبهم الشقاء في الدنيا، وقد يكون لهم الأجر في الآخرة عند رب العامين.