صراحة نيوز – كتب الدكتور صبري الربيحات في ادراج له على صفحة الفيسبوك خاصته مودعا الرحل الكابتن جودت عبد المنعم السوالقة الذي انتقل الى الرفيق الأعلى فجر اليوم الأربعاء الموافق 4 / 8 / 2021 بعنوان
الكابتن جودت عبدالمنعم .. وداعا ايها الصديق
لم اكن اعرف سبب الكدر وحدة المزاج اللذين لازماني طوال هذا اليوم.. لبرهة اعتقدت انهما بسبب بعض ما يدور من حديث عن الاصلاح والاحكام التي يطلقها البعض حول الواقع والمستقبل وللحظة ظننت ان ذلك متعلق بانشغالاتي التي صرفتني عن انجاز بعض ما كان ينبغي ان ينجز . قلت لنفسي انه الطقس الحار والرطوبة العالية…. ولم يخطر ببالي ان اتلقى نبأ رحيل احد اعز الرفاق والاصدقاء.
لم يكن جودت عبدالمنعم السوالقة مجرد ضابطا رياضيا وسيما يصر على ان يحتفظ جنوده بلياقة بدنية عالية ولا طيارا بارعا يجيد التدريب كما يحل المعضلات التي تواجهه بثقة واقتدار فقد كان سياسيا وعشائريا ورجل يعرف الناس ويجد متعة في التعرف على الاخرين وخدمتهم بكل ما اؤتي من دراية وحكمة وذكاء..
في اكثر من اربعة عقود من العمل في الطيران وبعد ان استقال من القوات المسلحة جاب ابو طلال “كما كان يحب ان ينادى” ارجاء الدنيا شرقا وغربا وتعرف على ثقافات الشعوب وبرع في اقامة العلاقات وبناء صداقات اسعفه في ذلك الطلاقة في اللغة الانجليزية واقباله على محبة واحترام الناس دون تعصب او استعلاء…
كواحد من اوائل الطيارين الذين خدموا بلدهم بحب واعتزاز ترقى جودت في مراتب الطيران الى ان اصبح رئيسا للمدربين واحد المسؤولين عن اختيار وتدريب والترقية والتطوير للطيارين كيف لا وهو الذي واكب الناقل الوطني منذ ان كانت الوان الطائرات مزيج من الابيض الموشح بالخطوط الحمراء يوم كان اسمها “عالية” الى ان اصبحت الملكية الاردنية بلونها واداراتها تتغير بمتوالية يصعب متابعتها.
تعود معرفتي وصداقتي بجودت الى منتصف السبعينات من القرن الماضي فقد التقيته في عمان وخلال مرحلة دراستي الجامعية.. كان الفارق العمري والعملي كبيرا فقد كان نجما ساطعا في سماء كرة القدم وطيارا يزين صدره ولباسه الرسمي اشارات الطيران ورجل يملؤ حديثه الحماس والتفاؤل وحركاته الرشاقة والاستعداد لعمل كل ما قد يجده الغير صعبا ومعقدا.
كنت انا وعدد من ابناء الطفيلة الشباب نتردد على جمعية ابناء الطفيلة التي اسسها رجالات السياسة والادارة من ابناء منطقتنا ومن ولدوا فيها فقد كان المرحوم سعد جمعة والمرحوم محمد نوري شفيق والمرحوم محمد القرعان وشوكت المحيسن وعدنان العوران وعصام المحيسن الهيئة الادارية للجمعية وكنا محمد الزغاليل وفواز العطيوي وماجد القرعان وعبدالرحمن نايف وجودت السوالقة وانا نتقاسم عمل لجان النشاطات قبل ان تنقل لنا الهيئة الادارية شعورها بالضجر من وجودنا وترددنا فقد ارادوا منتدى لهم غير مكتظ بتدافع واصوات الشباب ولم يحتملوا طاقتنا وتكرار حضورنا….
يومها قرر مجموعة من الشبان الانفصال عن الجمعية الام وتأسيس جمعية جديدة تحت مسمى”جمعية جعفر الطيار الخيرية” كان عبدالرحمن نايف ومحمد عطية السعود وجودت السوالقة ومحمد نور عبدالعزيز الحراسيس وانا المجموعة الاولى التي قررت الانشقاق وجرى التواصل مع مجموعة من شباب حي الطفايلة حيث اشتملت قائمة التاسيس للمشروع الجديد على السادة علي نمر الحراسيس وعلي احمد الحراسيس وعبالرحيم جريد وعبدالرحمن نايف ومحمد عطية وشاهر مروح السعود وعبدالغني الرعود وسليمان جميل وحميد عواد وعبدالله العكايلة وموسى عواد ومحمود عودة الربيحات وعلي مطر الخوالدة وانا… كنت اصغر المؤسسين سنا فقد كنت في السنة الجامعية الثالثة…. في تلك الايام كان جودت هو الدينمو لحركتنا في سيارة الفولكس فاجن الصفراء ويستضيفنا في بيته الذي شيد بالقرب من نادي السيارات الملكي….
في تلك الايام كان اسم جودت لامعا فقد كان احد اهم نجوم الكرة الاردنية واحد اكثر الرجال الذين عرفناهم نجاحا وحيوية كان رائدا من رواد التنمية البشرية فحضوره يبعث في الفضاء طاقة واتجاهاته تقول ان لا مشكلة تستعصي على الحل… في الاجتماع الذي اعقب التاسيس اخترنا جودت ليكون رئيسا للجمعية التي اصبحت منارة ثقافية واسما رياضيا وعنوانا يلتقي تحت اسمها الشباب
خلال الاعوام الاخيرة بذل جودت جهدا كبيرا لجمع ابناء الطفيلة حول هدف تنمية المحافظة وتطوير مواردها فانظم اليه البعض، وخالفه البعض الاخر…. لم اتوقع في يوم ان افجع بنبأ رحيل جودت بهذه السرعة وبهذه الصورة فقد بدى لي باحسن صحة كيف لا وهو الذي يمقت التدخين ويحرص على ممارسة الرياضة ويحتفظ بوزن مثالي.
اليوم تخسر الطفيلة والاردن ومهنة الطيران وانا شخصيا احد اكثر الرجال حيوية واملا ونشاطا واقبالا على الحياة…. الرحمة لروحك يا جودت والعزاء لاسرتك و لنا ولكل الذين احبوك.. انا لله وانا اليه راجعون.