صراحة نيوز – بقلم د ابراهيم بدران
بصدور قانون يهودية الدولة، المخالف للقانون الدولي والانساني ولمعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، وادعاء فلسطين أرضا لليهود فقط… وقبل ذلك اصدار قانون مصادرة الأراضي الفلسطينية واعطاء الشرعية للمستوطنات التي تقوم على أراضي مغتصبة، وغيرها من القرارات والتشريعات العنصرية المتوحشة منذ عام 1948 حتى اليوم، بما في ذلك قرارات المحكمة العليا بجواز تعذيب الفلسطينيين وإعفاء جنود الإحتلال من مسؤولية قتلهم، تكون اسرائيل قد أعطت الصفة العلنية والقانونية للعنصرية الدينية الاستعمارية الإحلالية البشعة التي تمارسها منهجيا منذ قيام الكيان.
لم يحمل القانون عملياً شيئاً جديداً، فجميع بنوده معمول بها، واسرائيل لم تعترف في يوم الأيام بحق العودة للاجئين. لكن حكومة نتنياهو وجدت الفرصة مناسبة لإعطاء صبغة قانونية علنية وصريحة لعنصرية الكيان وممارساته المشينة غير المسبوقة. وهذا سيدعم موقف نتنياهو لدى اليمين المتطرف وغلاة الصهاينة والمستوطنين، خاصة وان التحقيقات في قضايا الفساد لازالت تطارده.
لقد تعززت الفرصة لإصدار القانون في ظل الإدارة الأمريكية المنقادة للوبي الصهيوني من جهة، وانشغال أوروبا بالحرب التجارية مع ترامب من جهة ثانية، والمسألة النووية مع ايران من جهة ثالثة، واستغراق روسيا في اكرانيا وسوريا وطمع بوتين ليكون نتنياهو وسيطاً له من جهة رابعة، و التفكك العربي المتفاقم والانقسام الفلسطيني المزمن من جهة خامسة.
هل القانون نكبة جديدة؟ كلا.. فما يجري اليوم هو استكمال لما بدأه هرتزل، ونفذته بريطانيا، وخططه جابوتنسكي، وحققه ابن غوريون ومن جاء بعده، وتمده بالحياة أمريكا. «النكبة هي أن يستنفذ العرب طاقتهم في الكلام فقط».
فالمطلوب العمل، وتحمل صعاب المواجهة. وهنا يمكن الإشارة إلى النقاط التالية :
أولاً : إن القانون وقبله قوانين عديدة لا تغير الحالة، ولكنها تكشف الخطورة المستقبلية لإسرائيل ومؤسساتها على المنطقة وخاصة الدول المجاورة، ويشكل رفضاً صريحاً للمبادرة العربية وستجعل المنظمات الصهيونية الداعمة أكثر وحشية وفظاطة وخبثا، والقضاء الاسرائيلي أشد عنصرية.
ثانياً : إن ما تصدره اسرائيل من قوانين لا يغير ما أقره القانون الدولي، ولا قرارات المؤسسات الدولية، وعلى الجماهير العربية أن تضغط على دولها وعلى تركيا لوقف التعامل التجاري والتكنولوجي والاقتصادي مع اسرائيل. و»سيكون الإقتصاد، و التكنولوجيا، والفتن الطائفية، والدسائس والإشاعات، والموقع المدلل لدى الإدارة الأمريكية أدواتها الرئيسية للتدخل».
ثالثاً : إن القوة الحقيقة القادرة على المواحهة والإنتصار هي الشعب الفلسطيني واصراره وصموده على أرضه. وما نراه يومياً من تضحيات في كل الأراضي الفلسطينية يؤكد أن ما حصل في الماضي لن يتكرر، وأن الجيل الفلسطيني الثالث والأجيال القادمة أشد تمسكا بفلسطين التي لن ينسىاها كما كان يحلم بن غوريون.
رابعاً : إن الدور الحقيقي اليوم هو للجماهير ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والحقوقيين والبرلمانيين العرب، وإن الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني عليها، بالإضافة للضغط على حكوماتها:
أولا: أن تدفع باتجاه دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه بكل الوسائل المتاحة المؤسسية طويلة الأمد، بما في ذلك الدعم المادي والثقافي والعلمي من خلال انشاء المؤسسات والصناديق الوقفية.
ثانياً : التواصل المستمر مع منظمات المجتمع المدني في العالم لتبيان مخالفة اسرائيل للقوانين الدولية والانسانية والتشجيع على مقاطعة منتجاتها ونشاطاتها على كل صعيد، لأسباب انسانية اخلاقية قانونية، وسياسية.
ثالثا تشكيل فريق قانوني متفرغ يتابع التفاصيل القانونية ويقترح البدائل، والتوجه إلى المؤسسات الدولية لإدانة التشريعات الاسرائيلية ورفضها وادانة كل الاجراءات التي يقوم به الكيان الصهيوني.
رابعا: المساعدة في ابراز الوجه الثقافي الانساني المتميز للشعب الفلسطيني من خلال الفنون والآداب والانجازات العلمية والفكرية والثقافية التي يبدعها الفلسطينيون والعرب المكرسون أنفسهم لخدمة فلسطين.
إن العنصرية الصهيونية لن تستطيع أن تلغي وجود الشعب الفلسطيني الذي يؤازره كل الأردنيين وملايين العرب ومن مختلف دول العالم، ولن تستطيع اقتلاعه من أرضه التي نبت فيها، حيث لم يستطع أي نظام عنصري أن يبقى الا لفترة محدودة. فهل تتكرر المسيرة اليهودية التاريخية وعنوانها التدمير الذاتي؟ هذا ما يخشاه بعض عقلاء اليهود… ويبقى العمل الجاد هو فيصل التغيير.