صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
أعلنت مديرة مؤسسة ولي العهد الدكتورة تمام منكو يوم الاثنين 3 / 12 / 2018، إطلاق أول قمر صناعي أردني مصغر إلى الفضاء بنجاح من ولاية كاليفورنيا. وكان قد تم تصميمه وبناءه من قبل فريق يضم 18 طالبا وطالبة بالإضافة إلى خمسة أكاديميين ومستشارين من الجامعات الأردنية. وأوضحت المديرة أن هذا القمر سيدور حول الكرة الأرضية على ارتفاع 600 كم، والغرض منه هو تحقيق أهداف تعليمية وبحثية وترويج سياحي، والاتصال مع محطات أرضية حول العالم، لبث رسالة سلام مسجلة بصوت ولي العهد الأمير حسين بن عبد الله الثاني.
وإن كان هذا الجهد من قبل طلبتنا ومستشاريهم برعاية مؤسسة ولي العهد، جاء متأخرا عن بدء غزو الفضاء من قبل دول العالم العظمى بما يزيد عن نصف قرن، إلا أنه جهد مقدر وخطوة على طريق التقدم والبحوث والتقنيات العلمية. ولكنه يجئ في وقت عجزت به حكوماتنا المتوارثة عن معالجة قضايا كثيرة من بينها : البنية التحتية، الكوارث الطبيعية، أزمات السير، مكافحة المخدرات، مكافحة البطالة والفساد، ارتفاع الأسعار، إيجاد مشاريع منتجة، وتوطين الاستثمار. وللإنصاف فإن حكوماتنا نجحت في سن مختلف قوانين الجباية، وتكميم الأفواه، واعتقال المحتجين من ضائقة العيش.
وعودة إلى غزو الفضاء، الذي سبقتنا إليه دول متقدمة، مثل الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية. فالاتحاد السوفيتي أطلق في شهر نيسان 1961 أول رائد فضاء هو ( يوري غاغارين )، في رحلة مدارية حول الكرة الأرضية لمدة 108 دقائق. ثم تبعتها الولايات المتحدة حيث أطلقت في 5 أيار من نفس العام رائد الفضاء ( إلن شبرد )، في رحلة دار بها حول الكرة الأرضية 22 مرة. وفي 20 تموز 1969 كان رائد الفضاء الأمريكي نيل آرمسترونغ، أول إنسان يمشي على سطح القمر، برفقة اثنين من زملائه هما ( إدون ألدرن، وميشيل كولنز ).
واستمر إطلاق المركبات الفضائية التي تحمل بشرا أو مختبرات علمية، أو لأغراض الاتصالات في السنوات اللاحقة. وتفيد المعلومات المنشورة بأن هناك أكثر من 1200 قمرا صناعيا يسبح في الفضاء، منها ما هو للاتصالات ومنها ما هو للتجسس والتصوير الجوي أو للتنبؤات الجوية.
وهنا أود أن أطرح على مديرة مؤسسة ولي العهد بما التي أعلنت عن هذا المشروع الأسئلة التالية :
1.هل يستطيع هؤلاء الطلبة ومستشاريهم الأردنيين بخبرتهم المتواضعة في هذا المجال، القيام بأبحاث تتعلق بالنواحي الصحية والطبية والزراعية والمائية والتكنولوجية وغيرها، كما ورد في مهام هذا القمر الصناعي ؟ ثم أين هي القاعدة العلمية التي يمكن الرجوع إليها ؟ وأين القاعدة الأرضية التي يمكن أطلاق مثل هذا القمر الصناعي منها عند الحاجة ؟
2. هل يستطيع القمر الصناعي الأردني من خلال بثه الصور، أن يروج للسياحة التي فشلت جميع الوزارات والهيئات التنشيطية في ترويجها، ليجعلها رافدا يدعم خزينة الدولة ماليا ؟
3. كم الكلفة المالية لهذا المشروع ، وهل لدى مؤسسة ولي العهد إمكانيات مالية لإدامة عمله مستقبلا، علما بأنني قرأت بأن مثل هذه لمشاريع تكلف مبالغ كبيرة، لا تقوى عليها إلا الدول الغنية ؟
4. هل يمكن أن يتطور هذا المشروع مستقبلا ويرسل مركبة فضائية، تحمل رائدا فضائيا أردنيا إلى سطح القمر، لاستكمال الأبحاث الأولية للمؤسسة أو لدراسة أبحاث جديدة ؟
5. وبالنسبة لبث رسالة السلام المسجلة، ألا يمكن استغلال الفضائيتين الموجودتين لدينا حاليا، لتحملان رسالة السلام المسجلة إلى العالم، عدا عن السفارات والمؤتمرات التي نشارك بها، ونوزع خلالها منشورات وأقراص مسجلة إذا دعت الحاجة ؟
6. أليس من الأولى أن نسخّر إمكانياتنا المحدودة – حتى وإن رافقها منح من الأصدقاء – نحو مشاريع تفيد المجتمع وتركز على : البنية التحتية، وإيجاد المشاريع التي تخفف من الفقر والبطالة، وتعالج أزمة الديون التي نرزح تحتها، بدلا من مشاريع أكبر من قدرتنا المالية، وقد لا نستطيع متابعة العمل بها في المستقبل ؟
7. ويبقى السؤال الحائر قائما : ماذا بعد إطلاق هذا القمر الصناعي الأردني ؟ هل يمكن أن نعرف نتائج أفعاله الأولية بعد بضعة أشهر، لنتأكد من جدواه وأنه ليس لعبة للهواة ؟
وختاما أقول بكل وضوح : أنني لست ضد المشاريع العلمية التي تنمي قدرات ومهارات الشباب، ولكن يجب أن تكون ضمن قدراتنا المادية، وحسب أولويات معينة تعالج قضايانا المحلية، فتغزو الأرض قبل أن تغزو الفضاء، وترفع الضغط عن معيشة المواطن، ثم تحسّن أدارة الدولة وتقدمها.
التاريخ : 5 / 12 / 2018