صراحة نيوز – بقلم مكرم الطراونة
صدق رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز عندما قال إن الحزمة الخامسة التي أعلنها منذ يومين تختلف عن تلك التي سبقتها. نعم تختلف فما أميط اللثام عنه لم يكن سوى إجراءات تنظيمية تتعلق بتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والتسهيل عليهم. لكن ليس أكثر من ذلك.
الحكومة عقدت مؤتمرها الصحفي للإعلان عن تفاصيل حزمتها. وزراء ومسؤولون احتلوا الصفوف الأولى في الحدث. وسائل إعلام مختلفة بثت المؤتمر عبر جيش من الإعلاميين والصحفيين. كان الجميع ينتظر حدثا من نوع آخر، وأن يتم خلال المؤتمر الكشف عن ضوء ينير حياة الناس، ويخبرهم أن وضعهم المعيشي في طريقه إلى التحسن، وأن الأعباء سوف تقل في المستقبل.
لكننا تفاجأنا في الختام أننا لم نجد سوى إعلان عن إجراءات تتباهى الحكومة بعزمها على تنفيذها، بينما لم تخبرنا، أو على الأصح لم تعترف، أن تلك الخدمات في الأصل هي واجبات عليها تقديمها للأردنيين بجودة عالية، وأنها في صميم عمل أي حكومة.
ما علاقة تلك الإجراءات بمشروع النهضة أو بتحفيز الاقتصاد. هل هو إفلاس حكومي أن تلجأ الحكومة إلى تسجيل إنجازات وهمية باسمها، كونها تعجز عن تحقيق إنجاز حقيقي يسهم في تحسين حياة الناس والتخفيف عنهم!!.
إطلاق تطبيق “سند” للاستفادة من 100 خدمة رقمية متوفرة في 8 جهات، والكشف عن آليات عمل جديدة في الاستثمار والضريبة لحل القضايا العالقة، ولجان متخصصة من القطاعين لاتخاذ توصيات في التظلمات، هذا كل ما في الأمر. “الحزمة الجديدة تختلف بشكل جوهري عن سابقاتها موضوعا وأثرا” ، هذا ما تم الترويج له خلال المؤتمر.
ربما غاب عن ذهن الحكومة وهي تعلن حزمتها الخامسة التوقف عند سؤال “ماذا يريد الأردنيون؟”. حسنا، وباعتباري أحد أبناء هذا الوطن سأجيب عن هذا السؤال لعل في ذلك فائدة.
الناس تريد نهضة في قطاعات التعليم والصحة والنقل. يريدون تطبيق استراتيجية جديدة فيما يتعلق بالقطاع الزراعي، وأن يساهم هذا القطاع في النمو الاقتصادي. يريدون صناعات وطنية تزيد من القدرة على التصدير والتنافسية في الأسواق الخارجية، وصناعات تساهم في تشغيل العاطلين عن العمل، بعد أن حققت نسب البطالة سبوقات تاريخية، ويريدون أيضا قطاعا سياحيا نشطا وقادرا على المنافسة إقليميا، وافكارا خلاقة تستقطب العرب والأجانب إلى بلدنا.
الأردنيون يريدون أيضا عدلا ومساواة، ويطالبون بمحاربة الفساد، بحجميه الكبير والصغير. الناس يشعرون بالظلم من الواسطة والمحسوبية، وتترك في أرواحهم ندوبا لا يمحوها الزمن، ويرفضون في الوقت ذاته التراخي في تطبيق سيادة القانون بتأثير من الانحيازات المناطقية أو المكونات الاجتماعية.
المواطنون يريدون حكومة يثقون بها، غير شعبوية، تنتهج سياسة الشفافية مهما كانت متعبة، فهم قادرون على تحمل الصعاب إذا ما تم التعامل معهم بصدق ووضوح.
يحلمون بدولة الإنتاج التي يسمعون بها من خلال التصريحات الرسمية، ويأملون بمجلس تشريعي نيابي قوي قادر على حمل لواء احتياجاتهم ومطالبهم.
أما الحكومة، فهي مطالبة بأن تدرك جيدا أن المواطن أنهكته الضرائب والفواتير، وتآكل دخله، وهو اليوم محبط تماما، لأنه يرى أن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ. على الحكومة أن تفتح للمواطن طريقا لكي يربي الأمل من جديد.