صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
لا يخفى أن النيران التي انطلقت شرارتها من الشارع الاردني، الذي شهد حالة من الاحتجاجات ضد قانون الضرائب ، وصلت إلى دول الخليج العربي ،وبخاصة جارتنا الخليجية الحدودية ، التي لسعتها نيراننا، مما
دعاها للمبادرة إلى عقد قمة رباعية لحل مشكلة الاردن، الذي كان لفترة طويلة يشكو من صعوبة وضعه الاقتصادي في ظل تجاهل الأشقاء لاحتياجاته ، إلا أن صرخة الشارع هزت دولهم ودعائم حكمهم .
وجهت احتجاجاتنا رسائل إلى دول الخليج العربي ، مفادها أن أي هزة في الأردن ستؤثر على المنطقة برمتها ، خاصة وأننا البلد الأخير والوحيد في بلادالشام – كما يطلق أهل الخليج هذه التسمية علينا – الذي ينعم بالأمن والامان،ويعتبر الخاصرة لدول الخليج مما يوجب المحافظة على استقراره ، ليس محبة ،
بمقدار ما هو حماية لهم من عدم مواجهة الارهاب والجريمة والمخدرات التي يتصدى لها الاردن نيابة عنهم ، فإذا انهار – لا قدر الله – ستصبح دول خليجية مجاورة لنا بعيدة عن الحماية ومحاطة بالمخاطر من كل جانب ، ولنتبقى آمنة ، الامر الذي جميع هذه الدول في مواجهة مع اسرائيل .
إن ما يثير الرعب في نفوس أهل الخليج ، فيما لو انفجر الوضع الداخلي – لاسمح الله- في الاردن ،أن تتطاير الشظايا إلى منطقتهم ، خاصة بعد أن شعروابعبء اللجوء السوري ،وحجمه وتداعياته على المنطقة بكاملها ، وكان أحد العوامل الرئيسية في تدهور الاوضاع الداخلية في الاردن ، ولبنان التي اعلنتها أيضا وبشكل رسمي بأن ملف اللجوء يسير بلبنان نحو الهاوية .
الخوف الخليجي ، تجلى بأن تفرط المسبحة ، إذا ما اصاب الاردن أي مكروة ،فيما لو عادت الوقفات
الاحتجاجية إلى الشارع العربي ، بشكل مماثل لما شهدناه في زمن الربيع العربي ، لكن خطورتها هذه المرة في اندلاعها في “الدول الاميرية” بعد ان كان خطرها ينحصر في الجمهوريات ، وأمام هذا التخوف لم يكن هناك خيار أمام دول الخليج سوى تقديم الدعم للاردن ، واعادته إلى حضنهاالدافيء ، وإعادة الاعتبار إلى الاردن وقيادته بعد سنوات من الفتور وتحيده منذ الكشف عن الملامح الأولى لصفقة القرن ، والعمل على إعادته إلى مجموعة “صفقة القرن”،منتظرين انقضاء عطلة العيد ليتم الكشف عن تفاصيلها .
الاردن الذي تم خذلانه من دول الخليج وأولها السعودية ثم الإمارات منذ اعلان ترامب عن نقل السفارة الامريكية إلى القدس ، ترك وحيدا في الساحة ، لا بلكانت هناك محاولات لسلب دوره وتحجيم قيادت في الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس، وخاصة ان الاردن معروف دوره تاريخيا في الدفاع عنالقدس،
وهو المتحدث الأكثر قوة وتأثيرا في حمل قضية العرب الاولى في كافة المنابر الدولية .
ولأن الاردن لم يكن يوما طرفا في الخلاف الخليجي – الخليجي ، الامر الذي جعل قطر الدولة غير الحليفة للسعودية ، ولم تجلس على طاولة مكة ، لأن تبادرإلى تقديم الدعم للاردن ، من خلال توفير فرص عمل للاردنيين ، وضخ الاموال للاستثمار بمشاريع استثمارية وسياحية داخل المملكة .
إن التجاهل الخليجي ، وضع الاردن أمام خيار وحيد ، وهو التوجه إلى اسطنبول ، بعد ساعات من الغاء اتفاقية التجارة لاستخدامها كوسيلة للضغط على اردوغان مقابل دعم الاردن ، هذا الامر لم يرق إلى دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة بعد تلك الصورة التي التقطت على هامش القمة الطارئة لمنظمة التعاون الاسلامي التي عقدت في اسطنبول وتصدرت الصفحات الاولى للصحف والتي جمعت الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الايراني حسن روحاني ،مما جعلهم يعيدون حساباتهم جيدا.
في ضوء المساعدات الهزيلة والمتواضعة المقدمة للاردن ، والتي لم تحل المشكلة جذريا ، كان شرطا لضمانها؛ إعادة دراسة الاوراق وتغيير النهج المتبع، كثمن لهذه المساعدات ، وعدم الاقتراب من ايران ، والموافقة على صفقة القرن التي سيتم الافصاح عن تفاصيلها وببنودها بعد عيد الفطر السعيد.