صراحة نيوز – بقلم رانـدا جميل
قامت الدنيا ولم تقعد عندما أعلن الاردن أنه لن يستقبل موجة جديدة من اللجوء السوري . المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان مازالت تناشد الاردن فتح حدوده لإستقبال موجة جديدة من الهجرة القسرية المعدة سلفا والممنهجة طائفيا .
وكأن العالم لا يري حقيقة الوضع وكأن الحديث عن ندرة الموارد وضعف الامكانيات والبنية التحتية في الاردن لغة لا يعرفها ولا يصدقها العالم , والا مامعني المطالة باستقبال أكثر من 600 الف مهجر سوري بالإنتظار علي الحدود الاردنية .
منذ حرب تحرير الكويت 1990 وحتى سقوط بغداد ….والاردن يعاني الكثير من تدفق موجات اللجــوء , 9 موجات من اللجوء دخل خلالها الاردن حوالي 8 ملايين لاجىء بين مستقر ومغادر ــ سوريين عراقيين ليبيين يمنيين سودانيين وأفارقة ـــ وكأن فرض علي الاردن أن يتحمل أخطاء فاتورة الغير … فقد تشبع الاردن لجوأ من كل حدب وصوب .
الأخطر في موجة اللجوء الجديدة أن فتح الاردن أبوابه يعني أن لا عودة بهم مرة أخرى كما حدث من قبل مع الأخوة من فلسطين حين خرج الألاف وهم يعتقدون أنها مسألة أيام وشهور وسوف يعودون الي ديارهم لذلك حملوا معهم مفاتيح بيوتهم أملا في العودة , وخاب الأمل وتخازل المجتمع الدولي ومضى سبعون عاما ولم يتحقق حلم العودة حتي الآن .
طبيعة القصف السوري العنيف وهدم البيوت بواسطة الطائرات والصواريخ والبراميل المتفجرة تدل علي أن الهدف هو تغيير ديموغرافي …باحلال الشيعة القادمين من افغانستان وباكستان وايران والعراق ودول أخرى , وأن عملية أستكمال ” سوريا المفيدة ” التي تحدث عنها بشار الأسد سوف تستكمل بدرعا بعد التهجير القسري للسنة من حلب وحمص وحماة والغوطة الشرقية ومخيم اليرموك وغيرها …. منذ بداية الأزمة حوالي 5 ملايين سوري جرى تهجيرهم وإبعادهم خارج ديارهم جلهم ومعظمهم من السنة , ليحل محلهم الشيعة المستوردين من بلاد كثيرة .
كان علي الاردن التعامل مع تلك الموجات من اللجوء السوري من هذا المنطلق ….والا يسمح بالتغيير الديموجرافــي في سوريا أن يتم علي حسابـه …. ومامعني وجود مليون ونصف سوري في الاردن لا أمل لهم في العودة , خاصة بعد صدور قانون بشار الأسد الأخير إن تم تنفيذه عمليا فلن يعود لاجىء ســـوري واحد الي بـــلاده .
الآن العالـــم يطالب الاردن بفتح حدودة مـجددا… وإن حدث ذلك فقد تحمل موجة اللجــوء الجديد خطر كبير علي الاردن , ليس من تغيير التركيبة السكانية فحسب بل ان العناصر الارهابية التي إنهارت وهزمت تجمعت كلها في درعا ومعظمهم مجهولي الهويــــة لا معلومات عنهم , سوف يتسربون للعمق الاردنـــي تحت غطاء اللجـــوء والانسانيــــة والجـــوار, مما سيشكل خطر وتهديدا كبيرا للاردن … لا أحد في العالم يفتح أبوابــه لمئات الالاف من البشــر القادمين , فما بالك لو كان منهم الالاف من الارهابيين .
السؤال …لماذا يفتح الاردن أبوابــه للمهجرين من درعــا ؟؟؟!! علمــا أن هناك مناطق جغرافية آمنــة في سوريا وقريبة جدا من درعا مثل محافظتي السويــداء ـــ علي بعد 70 ك / والقنيطــرة علي بعد 40 ك ـــ من درعا وتحت غطاء وحماية روسيــة ودوليــة يمكن اقامة مخيمات لجــوء هناك , والبنتية التحتية جيـدة ومتوفـرة, وهذة المحافظات من السهل الوصول اليها أسهل بكثير من الوصول الي العمق الاردنـــي …. اذن لماذا الاصرار والضغط علي الاردن لفتح حدوده …الا لهدف “للتغيير الديموغرافتــــي” .
فقط الاردن يفتح معبر نصيب السوري الحدودي لمرور المساعدات الانسانية …وقد قام الجيش العربي بايصال المساعدات الانسانية مرارا منذ بداية الأزمة , والآن توجد حملة شعبية وقومية لكل المنظمـات الانسانية لإيصال المساعدات لهؤلاء المهجريــن , وكذلك المساعدات من الهــلال والصليب الأحمــر .
لكــــل ماسبـــــق يعطي الاردن الحـق في عدم فتح حدوده ورفضه استقبال موجه جديدة من اللجـــوء… وعلي العالم أن يكف الضغط علي الاردن , ولا يحمله أكثر من طاقته وكفــــى ماتحمله الاردن من ضغوط مالية ومائية من موارده بعدما أدار العالـــــم ظهـــره من مساعدات الا من فتـات .
علي الاردن أن يوضح موقفه للعالم بشـرح كل ماسبــق , وأن يتمسك بموقفه مهما كانت الضغوط والاغراءات , ويبين للمجتمع الدولـــي أن هناك تهديد وجودي وخطر حقيقي علي أمنه اذا استمرت الضغـوط واذا استمرت الأزمة السورية علي هذا النهـج , فلا شيء يعادل الأمــن والأمـــــان , ولتذهب التهديــدات والمناشدات والضعوط الدوليــة علي الاردن الي الجحيــــــم ….رانــدا جميل .