صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
الناس تتحدث هذه الأيام عن اجراء التعديل الوزاري الخامس على حكومة الرزاز ، ما شاء الله عليه ما قصّر ، وزَّرْ ( من التوزير ، والتزوير ، والوِزر ) ، عَيّنَ زملاؤه في العمل ، ورفاقه في الرحلات ، ومن ثم أصدقاؤه ومعارفه ، تبقى جيرانه ، عيب حتى لا يعتبون عليه ، ووجهه في وجوههم خاصة بعد ان يغادر الوزاره ( وين يودي وجهه منهم ، مش معقول ما يتذكرهم في هالمشمشية ) .
في مقالي السابق الذي نُشر بعنوان ( أعباء الوطن .. لكل فَطِنْ ) يوم ٢٠٢٠/٤/٢٩ تطرقت فيه الى سوء إدارة مقدرات الوطن والدمار الذي يحدث نتيجة ذلك على البلاد والعباد . وقد لاقى المقال تفاعلاً متميزاً ، وتلقيت عدداً كبيراً من التعليقات القيّمة التي تشرفت بها ، وأضافت لي الكثير ، شاكراً كل من أدلى بدلوه وساهم بإثراء معلوماتي المتواضعة .
القراء الكرام ، عدد الوزراء في كل تشكيل يتراوح بين (30-33 ) وزيراً ، هذا عدا عن قِصر عُمر الحكومات ، وعدم ثبات مددها ، وإجراء تعديلات كثيرة ، وها نحن نسمع عن التعديل رقم ( 5 ) على الحكومة الحالية ، هل هذا العدد منطقي !؟ هل يتناسب مع عدد السكان !؟ ومع مساحة الوطن ، ومع الدخل الوطني الإجمالي !؟ أتشرف بان أقدم للقراء الكرام بعض النماذج من عدة دول تفوقنا أضعافاً مضاعفة جداً ، لدرجة ان الأردن يبدو صغيراً جداً مقارنة فيها في كل شيء ، الا في الكرامة والعِزة والإباء . واليكم بعض النماذج :-
ألمانيا : (15) وزارة ، عدد سكانها (84) مليون نسمة ، مساحتها (357,386) كم٢ ، دخلها القومي الإجمالي (4) تريليون دولار ، عدد النواب ( 620 ) = ( 136,000 ) مواطن / نائب .
فرنسا : (22) وزيراً ، عدد سكانها ( 67) مليون نسمة ، مساحتها ( 643,801) كم٢ ، دخلها القومي الإجمالي ( 3,2 ) تريليون دولار ، عدد النواب ( 343 ) = ( 222,000 ) مواطن / نائب .
تركيا : ( 16 ) وزيراً ، خفّضها اردوغان من (26 ) وزيراً ، عدد سكانها ( 82) مليون نسمة ، مساحتها ( 783,562 ) كم٢ ، دخلها القومي الإجمالي ( 2.275) تريليون دولار ، عدد النواب ( 600 ) = ( 137,000 ) مواطن / نائب .
المغرب : ( 23 ) وزيراً ، عدد سكانها ( 36) مليون نسمة ، مساحتها ( 466,550 ) كم٢ ، دخلها الإجمالي الوطني ( 308,5 ) بليون دولار ، عدد النواب (395 ) = ( 92,000 ) مواطن / نائب .
السعودية : ( 25 ) وزيراً ، عدد سكانها ( 28 ) مليون إحصائية 2010 ، مساحتها ( 2,15 ) مليون كم٢ ، دخلها الوطني الإجمالي ( 1,5 ) تريليون دولار ، عدد أعضاء مجلس الشورى ( 150) = ( 187,000) مواطن / عضو .
الأردن : ( 33)وزيراً ، عدد السكان ( 6,500,000 ) مليون نسمة ، مساحتها ( 89,342 ) كم٢ ، عدد النواب ( 130) = ( 50,000) مواطن / نائب .
معدل عدد المواطنين لكل نائب في الدول المذكورة أعلاه = ( 150,000 ) مواطن لكل نائب ، وعليه يفترض ان يكون عدد أعضاء مجلس النواب الاردني = ( 44 ) نائباً ، وعليه يكون عدد أعضاء مجلس الأعيان = (22) عيناً .
مقارنة بما ذُكر أعلاه ، اين نحن من هذه الدول العملاقة !؟ عند مقارنتها مع الوطن : في عدد السكان ، والمساحة ، ودخولها الإجمالية !؟ ومع ذلك معظمها عدد الوزراء في حكوماتها نصف عدد الوزراء في حكوماتنا تقريباً . وللعلم هذه الدول تُقدم لنا المساعدات ، وإنفاقنا كنسبة وتناسب ، اكثر منها !؟ عدد الوزارات يجب ان يتناسب مع عدد السكان ، ومساحة الأوطان ، والدخل الإجمالي ، لضمان تسهيل تقديم أفضل الخدمات للمواطنين . أين نحن ، لا بل أين المنطق في تضخيم عدد الوزراء في الوطن !؟ ونحن لا نزيد عن ( 6,5 ) مليون نسمة ، ما يزيد عن (2) مليون اردني يعيشون في الخارج ، ومع الأشقاء العرب الذين لجأوا للأردن حفاظاً على ارواحهم مما يحدث في اوطانهم ، ونُسكِنهم مآقي العيون ، يصل عدد السكان الى حوالي ( 10 ) ملايين .
لإعطاء أمثلة على سوء إدارة الدولة الاردنية ، أورد لكم بعض الوزارات المدمجة في بعض الدول ، بينما عندنا ( نفرط ) الوزارة الواحدة عندهم الى (3 ) وزارت عندنا ، الأمثلة :
في ألمانيا : توجد وزارات اسمها : وزارة الداخلية والإعمار والأمن الوطني ، ووزارة الشؤون الاقتصادية والطاقة ، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعيه ، ووزارة النقل والبنية التحتية الرقمية .
في المغرب : توجد وزارات اسمها : وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة ، وزارة الزراعة والتنمية القروية والمياة ، وزارة التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي ، وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي ، وزارة الثقافة والشباب والرياضة والناطق الرسمي باسم الحكومة .
وعليه ، أرى ان تُدمج بعض الوزارات كما يلي :-
دمج التعليم العالي مع التربية / دمج المياة والبيئة مع الزراعة / دمج النقل مع الأشغال / دمج الشباب والثقافة مع وزارة الإعلام / دمج الإدارة المحلية والتنمية السياسة والبرلمانية مع وزارة الداخلية / إلغاء وزارة تطوير القطاع العام / دمج وزارة الاقتصاد الرقمي ووزارة الطاقة مع وزارة الصناعة والتجارة / إلغاء وزارة شؤون مجلس الوزراء / إلغاء وزارة الدولة للشؤون القانونية / دمج وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف مع وزارة العدل / دمج الشؤون الاجتماعية مع العمل / دمج وزارة التخطيط مع المالية .
فيما لو تم الأخذ بالاقتراح أعلاه ولو الى حدٍ ما ، سيصبح لدينا ( 16 ) وزارة تقريباً ويفترض أقل . وسيصبح لدينا ( 44 ) نائباً ، و ( 22 ) عيناً . وباستغلال أمر الدفاع لشطب كل الهيئات المستقِلة المُستغِلة ، وعمل تسويات عادلة مع كبار الفاسدين ، ووضع حدٍ صارم للفاسدين الجُدد سواء تشريعياً بتغليظ العقوبات ، وسدّ الثغرات في القوانين لحماية المال العام ، ونُلجم عتاولة الفاسدين المخضرمين ، ونلغي التفكير في سلب جيب المواطن الغلبان ، ونُخفف من أعبائه التي تراكمت زوراً وبهتاناً . سيكون وطني الحبيب بألف خير وعافية ، وسنستغني عن التسول ، والتوسل ، والسؤال ، ونعيش اعزاء كرماء في وطننا .
كيف يحدث هذا الاستهتار والتهاون ، والتفريط في المال العام في وطني !؟ لماذا هذه المبالغة المفرطة في عدد الوزراء والنواب والأعيان !؟ لان ذلك يُشكل عبئاً ثقيلاً على الموازنة العامة للدولة ، مما يضطرنا للاقتراض ، وطلب المساعدات من دول عديدة عربية واجنبية . للعلم الدول التي أدرجتها كنماذج أعلاه ، هي التي تقدم لنا المساعدات والقروض ، ولاحظتم ان أعداد الوزراء والنواب والأعيان فيها منخفض جداً بالرغم من مساحاتها الشاسعة ، وعدد سكانها الكبير جداً ، ومواردها الضخمة . أليس هذا استهتاراً !؟ أليس هذا سوء إدارة !؟ أليس هذا عيباً !؟ والحكومات تلجأ الى جيوب المواطنين الغلابة لتغطي الأنفاق غير المبرر الناتج عن سوء الإدارة في الدولة الاردنية !؟