هنالك مثل عراقي مشهور يقول «عصفور كفل زرزور والاثنين طيارة»، أو «اثنيناتهم طياره» ولهذا المثل قصة كما يعرفها اهل بغداد وقصة هذا المثل
تقول كان هنالك رجل اسمه زرزور جاء الى بغداد ونزل في احد خاناتها فطالبه صاحب الخان باجور المبيت ، لكن زرزور ادعى ان نقوده سرقت ، وانه سيدفع له الاجور عند رجوعه الى بغداد في المرة القادمة ..
فرفع صاحب الخان الامر الى القاضي الذي استدعى زرزور وطالبه اما بالدفع او بكفالة شاهد صادق وامين وكان ينزل في الخان ذاتها رجل اخر من قرية زرزور اسمه عصفور فاستعان به زرزور ليكفله لكن القاضي رد شهادة وكفالة عصفور لعدم وجود محل ثابت له
وقال : هل يعقل (عصفور يكفل زرزور واثنينهم طياره).
ومنذ ذلك الحين اخذ هذا القول مثلا وعنوانا فاصبح يطلق على كل اثنين لهما نفس النهج والطريقة ، فتجد كذاب يشهد لكذاب، أو لص يروج للص اخر، أو شاهد زور يقدم شهادته عن شاهد زور آخر وهكذا..
شاهدت قبل أيام، تقريرًا صدر عن منظمة الشفافية الدولية يتحدث عن ابواب الفساد وهو بالمناسبة تقرير يصدر سنويا ، وكالعادة تزينت صفحات التقرير بعدد من دول العالم الثالث ومنها عالمنا العربي بالطبع ، وهذا ليس أمرا غريبا او مدهشا قد يصيب الناس بالصدمة والذهول.
ولكن الغريب أن الكثير من الجهات الرقابية في دولنا العربية لا تعترف بهذه المنظمة مع انها تحاكي حالة تحتاج الى اعلان حالة الطوارئ والاستنفار العام ولو على الاقل للتصدي لهذه الآفة التي تنخر بنيان الدول، وتتسبب في فشل التنمية المستدامة،هذا التقرير يحاكي المنطق ويسلط الضوء على منابع الفساد وطرق الفاسدين.
الفساد الذي حول جيلا بكامل ما فيه من طموح وقوة ونشاط الى عاطل عن العمل، الى جيل اكتسى اليأس قلبه فأطفأ التفاؤل في داخله وهو في عز العطاء والنشاط…
لا ننكر أن الفساد ظاهرة دولية عابرة للقارات والحدود والاوطان ، وتحدث في الدول الغنية والفقيرة، وحتى الدول الديمقراطية منها ، ولكن علينا جميعا قبل ان ننطلق في خطط تنموية وبناء الاقتصاد المتهالك ان نكافح هذا الافة وبعدها سنجد طريق النجاح يفتح لنا ابوابه بكل سهولة ويسر.
أن من أهم المعوقات التي تواجهنا في البلدان العربية وجود منظمات وهيئات ولجان رقابة تسلل اليها عدد من الفاسدين، هي بالطبع من تتولى عملية التحقيق والمساءلة وتشخيص أسباب وأوجه انتشار الفساد، فتجد فسادا ولكن لا تجد فاسدين ،عندها نكرر ما قاله القاضي اثنيناتهم طياره…والوطن والمواطن الهم الله