صراحة نيوز – بقلم المهندس خالد نايف المعايطة
لا يختلف متحاوران على ان الذكاء السياسي للاردن خلال العقود الخمسين الاخيرة فاق ذكاء كافة من يجاوره او يشاركه المنطقة .. فقط استطاع ان يحافظ على توازن مسيره على الحبل الافتراضي المعلق بالرغم من تعدد تشعباته وكثرة الاطراف المشاركة بشد اطرافه.
اليوم اختلف الحال وتبدل مع تغير قواعد اللعبة وتغير شخوص الحلفاء والاعداء ومدارس الفكر المتبع من كل طرف وطبيعة الوعي الذي اعيد تشكيله بالكامل.
لم يعد توازن وذكاء الحالة الاردنية متطلب محصن ومحمي كالسابق من قبل اطراف اللعب السابقين مما وضع الاردن امام اشكالية الاختيار وضمان سلامة مستقبله وفق ما يحدد لنفسه من مسار .. فقد اختلت مناسيب اطراف شد الحبل ولم تعد مستوية كما كانت .
بلغت الحالة السياسية في المنطقة مرحلة لم يعد ينفع معها ارضاء الجميع او الحفاظ على صداقتهم بنفس الوقت .. اصبحت الاختيار حتمي .. اختيار يرضي البعض ويغضب البعض .. اختيار يقضي بالقفز عن الحبل والسير بواقعية الارض باستخدام طرق الغير.
قضية فلسطين كانت دائما المفصل الاشد تعقيدا بسياسة الاردن .. واستطاع الاردن على يحافظ على التزامه الوجداني والواقعي بشكل مميز اتجاه توأمه الفلسطيني برغم تراجع مواقف اغلب باقي افراد اسرته العربية .. الا ان صناع الالعاب الجدد وضعوا الاردن امام لحظة الاختيار الحاسمة .. صفقة القرن وتسوية القضية بشكل نهائي وبكيفية لن تكون مقبولة شعبويا لدى اغلب سكان الاردن وفلسطين .
لا شك لدي بالتزام الاردن واحترامه المقدس لحق كل فلسطيني بارضه ووطنه .. لكن تبعيات هذا الاختيار الاخلاقي هي من ستغير كافة القواعد وتخرج الاردن من تعلقه بحبله المشدود وتدخله في لعبة الاختيار الخطر .. وتضعه للمرة الاولى امام عواقب اختياره وجها لوجه وتدخله بلعبة الاختلاف والنزاع.