د. ناصر الدين يكتب عن: الفرص الضائعة!

14 أبريل 2019
د. ناصر الدين يكتب عن: الفرص الضائعة!

صراحة نيوز -كتب الدكتور يعقوب ناصر الدين 

رئيس مجلس امناء جامعة الشرق الوسط 
لدينا شعور عام بأننا أضعنا الكثير من الفرص لتحسين أوضاعنا العامة، والنهوض باقتصادنا الوطني، وبواقعنا الاجتماعي، والفرصة تعني الوقت أو الظرف المناسب للقيام بعمل ما، والفرصة الذهبية تعني اغتنام الظرف المناسب إلى أقصى درجة، ويبدو أننا نكتشف الفرص بعد ضياعها، أو أننا نخفق في تحديد الفرصة في وقتها!
أعطي مثالا واحدا على الأقل بالصخر الزيتي ليس كفرصة ضائعة منذ عدة سنوات، بل لإظهار المشكلة في فهمنا للفرص وكيفية التعامل معها، فاحتياطات الأردن من الصخر الزيتي تترواح بين 40 إلى 60 مليار طن، حسب تقديرات مجلس الطاقة العالمي للنفط، وهي الأكبر بعد كندا، والأجود عالميا، فضلا عن القدرة على استخدامه بالحرق المباشر لانتاج الطاقة، أو تقطيره لاستخراج النفط والغاز، إلى جانب استخدام مخرجاته في صناعات كثيرة.

منذ أربعة عقود على الأقل ونحن نتحدث عن ضرورة استغلال الثروة الطبيعية ونسمع في المقابل المعاذير والمحاذير، في الوقت الذي نستورد فيه سبعة وتسعين في المئة من حاجتنا للطاقة، ونتعرض لهزات قوية كلما ارتفعت أسعار النفط، أو كلما تعرضت الإمدادات للخطر، مثلما وقع لنا بسبب انقطاعات الغاز المصري، وخلال تلك الفترة الطويلة كان بعض الخبراء يقولون إن تكلفة الانتاج باهظة مقارنة بالنفط المستورد، والبعض الآخر يقول هذا كلام غير صحيح من حيث المبدأ، لأن معارضي المشروع الضخم لم يأخذوا في الاعتبار حجم التشغيل للقوى العاملة الأردنية، ولا النهضة التي ستشهدها مناطق استغلال الصخر الزيتي المتركزة في وسط وجنوب المملكة.
الآن هناك بدايات جديدة لا نعرف عنها الكثير، ومع ذلك نقول أن نبدأ متأخرين خير من ألا نبدأ أبدا، وعلى ما في هذه المقولة من أمل، إلا أنها تتناقض مع فكرة الفرصة المناسبة وكسب الزمن، وذلك كله مجرد مثال واقعي وملموس ومثبت، فكيف هو الحال إذا ما فتحنا ملفات فرص الاستثمارات التي هربت من عندنا، أو اُجهضت من بداياتها، أو كانت نتائجها أدنى من المأمول منها!
ها نحن نعرف أننا نعيش عصر ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأصبحنا ندرك أنها المقياس الأهم لمدى تقدم الدول أو تأخرها، ومع ذلك ما زلنا نحتفظ بأدوات عصر مضى، مثلما هو ظاهر في مناهج التعليم بجميع مراحله، وفي التطبيقات المتواضعة للحكومة الإلكترونية، والمدن الذكية، وفي القطاعات كافة مع أننا نملك من الكفاءات والمهارات الإبداعية الشبابية ما يكفي لإسراع الخطى في هذا الاتجاه.
مجرد أمثلة على غياب المنهج التحليلي في إدارة الشؤون العامة، ذلك المنهج الذي يقوم على معرفة نقاط القوة، ونقاط والضعف، والفرص، والتهديدات أو المخاطر، والأسوأ من ذلك أن البعض يمارس هذا المنهج كما لو أنه وجهات نظر، وليس منهجا علميا يستخدمه المخططون وهم يرسمون إستراتيجيات الدول وخططها التنموية.
مرّ زمن طويل ونحن غير قادرين على فهم المعنى الحقيقي للتعاون بين القطاعين العام والخاص، وإلى يومنا هذا لا يوجد تعبير عملي لهذا التعاون، إلى درجة أن الحكومات تفسره على أنه نوع من إقامة علاقات ودية بين القطاعين، مع أن القطاع الخاص هو أحد جناحي الاقتصاد الوطني الكلي، والعلاقة بينهما تبدأ من التخطيط والمسؤولية المشتركة، وتنتهي بالنتائج الملموسة في جميع القطاعات.
وبعض الفرص نستطيع أن نوجدها، ولا أتردد هنا عن القول بأن الأزمات التي أحاطت بنا في السنوات الأخيرة، لم تحمل التهديدات والمخاطر التي قمنا بمواجهتها وحسب، بل بالفرص التي أضعناها كذلك، من دون أن نجد الوسائل المناسبة لكي نبيع إنتاجنا لدول لم تتوقف عن استيراد حاجاتها رغم الحروب الدائرة على أرضها!
اليوم نعرض الفرص الإستثمارية في بلدنا على المستثمرين الأجانب، ونتحدث بثقة بالغة عن الميزة التنافسية لبلدنا، فهل نستطيع أن نعرض هذه العروض على أنفسنا أولا؟!

..

الاخبار العاجلة